لقد أثبت مؤتمر الاتصال الرقمي الذي اختتم أعماله في الأول من مايو أنه لم يكن مجرد تجمع متخصص في الإعلام، بل كان منصة تُجسد مفهوم الاتصال بمعناه الأشمل، حيث جمعت فعالياته بين التقنية، الأمن، والثقافة، مما عزز من فكرة التكامل والتعاون بين مختلف الجهات.
على مدار ثلاثة أيام، شهد المؤتمر حضور كبار الشخصيات والمسؤولين، والأكاديميين والأسماء البارزة في مجالها، تنقّل النقاش بين الأمن في الإعلام الرقمي مع العقيد طلال الشلهوب، المتحدث باسم وزارة الداخلية، وبين التواصل الحكومي في الأزمات مع نموذج سعودي رائد في الخطاب الإعلامي المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي، وقاد دفة الحوار مدير الاتصال المؤسسي والمتحدث باسم الجامعة الدكتور مصعب الحربي،
شاركوا في جلسات حوارية استعرضت دور الاتصال الرقمي في تعزيز الأمن، الخطاب الجماهيري، تحويل الأزمات إلى فرص، وكيف يمكن للتكنولوجيا أن تصبح أداة قوية لدعم عمليات التفاعل بين الهيئات المختلفة.
ومن بين الفعاليات اللافتة التي عززت من رسالة المؤتمر، كان عرض فيلم وطني بعنوان “مهمة العوجا”، وهو فيلم حمل بُعدًا وطنيًا عميقًا، حيث قدم رؤية بصرية مؤثرة حول الهوية والانتماء الوطني، بحديث مُلهم لأبناء الوطن قدمه المدير العام التنفيذي للإدارة العامة للتواصل الاستراتيجي بوزارة الدفاع، أ.عبدالرحمن السلطان، مما جعله محورًا للنقاش بين الحضور، وأحد الأدلة على أن الإعلام الرقمي يمكن أن يكون قوة دافعة لترسيخ القيم والثوابت الوطنية.
كما شهد المؤتمر جلسة حوارية متميزة، جمعت روّاد الإعلام والصحافة، في لقاء بدا أقرب إلى جلسة استرشاد وتزكية، قدّم فيها المخضرمون خلاصة تجاربهم كصوتٍ وازن في مشهد إعلامي يتحوّل.
إلى جانب عمداء كليات الاتصال والإعلام والمختصين فيه، الذين أثروا النقاشات بجلسات تخصصية عميقة، انطلقت من واقع أكاديمي ومعرفي ومهني، تناولوا فيها ملامح مستقبل الاتصال والإعلام، ومستقبل طلبته، وموقع المؤسسات الأكاديمية في ظل التحولات المتسارعة، ورؤية المملكة 2030، وجوهر التأثير الذي يشكّل عنوان المرحلة.
الجدير بالذكر أن التنوع الذي شمل الجلسات الحوارية، بين الإنتاج والدراما والتقنية وصناعة المحتوى والصحافة، وكذلك كليات تعليم الإعلام، وتناول الأزمات والتجارب الميدانية في ظل التحولات، فضلاً عن المهارات المطلوبة في الإعلام، قد شكّل جسرًا مترابطًا بين الحضور، حيث تنقلوا ما بين المهارة والخبرة، وبين المهنة والدراسة، وبين النظرية والتطبيق، في تفاعل أكاديمي ومهني متكامل.
هذه المشاركات عززت من قيمة المؤتمر كمنصة تجمع بين الأكاديميين والممارسين في المجال، مما أوجد بيئة مثالية لتبادل الخبرات والرؤى المستقبلية.
وامتدادًا لتعزيز التكامل بين المؤسسات، جاءت زيارة مدير عام الجوازات اللواء الدكتور صالح بن سعد المربع، ، لمعرض المؤتمر وجولته على الأجنحة المصاحبة تأكيدًا على الدور الحيوي الذي تؤديه كافة الجهات في دعم رؤية الوطن لتحقيق مستهدفاته في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها قطاع الاتصال الرقمي، حيث رافقه في الجولة رئيس جامعة الملك عبدالعزيز، الدكتور طريف الأعمى، الذي بدوره واهتمامه لحضور هذه المناسبات ودعمها يؤكد على التزام الجامعة بتحقيق التنمية المستدامة في المملكة، عبر دعم المبادرات الأكاديمية الطموحة كمؤتمر الاتصال الرقمي، الذي يمثل أحد النماذج الريادية في تعزيز الابتكار والتطوير في مجال الإعلام والاتصال.
لا يمكن الحديث عن نجاح مؤتمر الاتصال الرقمي دون الإشارة إلى الدور المحوري الذي اضطلعت به قيادة الكلية، ممثلة في عميد كلية الاتصال والإعلام الدكتور أيمن باجنيد، ووكيلة الكلية الدكتورة ميسون السباعي،
اللّذَين نجحا في خلق بيئة عمل تكاملية، التقت فيها الرؤى وتوحدت فيها الجهود لتحقيق رسالة واحدة واضحة.
وفي ظل هذه القيادة الملهمة، تمكنت الكلية من ترسيخ مفهوم الابتكار والريادة، ليس كشعار، بل كممارسة حقيقية انعكست في كل مبادرة تُطرح، وفي كل مشروع يُنفذ، مما جعل من الكلية نموذجًا يُحتذى في صناعة التأثير والارتقاء بمضامين الاتصال والإعلام
لم تكن مبادرة الكلية بهذا المؤتمر مجرد خطوة تنظيمية، بل كانت ترجمة لقيم، وتأصيلاً لرؤية، واستجابة لمتطلبات المرحلة، وتجسيدًا لتفوقها المستمر بتقديمها لمبادرات نوعية تعكس نهجها الريادي في تطوير الاتصال الرقمي،
فمن خلال جناحها المتألق، استعرضت الكلية إنجازاتها وأحدث المشاريع البحثية، مؤكدة قدرتها على تجاوز المألوف وابتكار حلول تسهم في إثراء المجال، ومن خلال آلية إدارتها الدقيقة لهذا الحدث، والتنسيق المتقن بين الجهات المتعددة، وطرح باقة من المشاريع والفعاليات التي – رغم تنوعها واختلاف تخصصاتها – شكّلت معًا نسيجًا تكامليًا يدعم مرتكزات المؤتمر ويعكس رؤيته الشمولية.
هذا التميز لم يكن وليد اللحظة، بل هو امتدادٌ لسلسلةٍ من المبادرات التي أثبتت فيها الكلية تفوّقها على ذاتها، بما تمتلكه من طاقم عمل، ومشرفي أقسام، وأعضاء هيئة تدريس شكّلوا كوكبةً موحّدة في الرؤية والعمل،
فكل إنجاز جديد يشكل خطوة إضافية نحو تعزيز مكانتها كمؤسسة أكاديمية رائدة في الاتصال والإعلام، ومع كل فعالية ومبادرة تثبت الكلية أن رؤيتها تتجاوز حدود التقليد، لتساهم في رسم ملامح جديدة للمجال بأفكار إبداعية وممارسات متجددة.
الاتصال إعلام وأكثر” ليس مجرد شعار، بل هو نهج تبنّته كلية الاتصال والإعلام في كل خطوة من مسيرتها الأكاديمية والمهنية.
فمن خلال رؤيتها الاستراتيجية تمكنت الكلية من تحويل هذا الشعار إلى حقيقة ملموسة تعكس التأثير الفعلي الذي تتركه في المشهد الإعلامي والاتصالي، عبر مبادرات نوعية تواكب التطورات وتضع بصمة حقيقية في مستقبل المجال.
اليوم، ومع إسدال الستار على هذا الحدث المهم، يبقى الأثر الذي تركه المؤتمر ممتدًا، حيث ستظل نتائجه محور اهتمام وتطوير خلال المرحلة المقبلة، من أجل تعزيز الاتصال الرقمي، ودعم البنية الأكاديمية التي تحمل على عاتقها تأهيل الكوادر الإعلامية، وتحقيق تكامل أكبر بين الإعلام والتحولات الرقمية والمؤسسات المختلفة.