المقالات

الحاضنات الأكاديمية: من التمكين إلى التنمية

مُحاضر في كلية الاتصال والإعلام

من تلقين الإبداع إلى إعادة تدويره، حوّلت المؤسسات الأكاديمية عقولنا إلى عقولٍ فضوليةٍ تُنتجُ مجموعةً واسعةً من الموضوعات. لذا، كانت الطريقةُ الجديدةُ لتكريم عقولنا هي إيجادَ مساحةٍ حرةٍ للتعبيرِ والتفكيرِ، من منطلق أن الجامعات مساحةٌ تُشرِّفُ الفكرَ وتُرسِّخُ الأثر.

لقد منحتنا حيويةُ المكان مظهرًا يُلهم في كل يوم، ولا يزال، أكثرَ من أي وقتٍ مضى، مدعاةً للاعتزاز.

وحين نفكّر في الواقع الملموس، ونعمل من داخل التجربة، نجد ترابطًا خلاقًا بين الإبداع والملهمين، فقد قادتنا هذه الرؤية إلى اتباع نهجٍ متعددِ التخصصات في التفكير، والتأثير، واستنطاق الإلهام.

إننا في زخمِ ممارسةٍ جوهريةٍ، يتجلّى فيها أن للإبداع حاضناتٍ، ورؤيةً، وانطلاقةً تعاظمت من المراقبة إلى الدعم، وتدرجت من الترقب إلى التمكين.

قيل لنا إن التأثيرَ يبدأُ من نموذج، فحيثما كان النموذج، وُجد التأثير، ومن الواضح أن هذا النموذج حاضرٌ في كل تفاصيل المكان، بدءًا من القيادة، وصولًا إلى الأثرِ الموجودِ في الخطط، والمناهج، والتفكير، ومحاولات التغيير المتواصلة،

لقد باتت لدينا القدرةُ على التغيير، والقدرةُ على الاعترافِ بقابليتنا لتحقيق أفكارنا، في إطارٍ يسعى إلى تحسين المجتمع، ويُعزّز — بكل إخلاص — رغبتنا في التأثير وترك الأثر ومتابعته على الواقع الملموس.

لقد شهدنا المبادراتِ التي تُعنى بالإبداع، والبحث العلمي، والاتصال الرقمي، والتأهيل، والتمكين، وغيرها من المبادرات التي تُعبّر عن تطلعاتِ الجيلِ القادم بدقة، وعن شغفِ الذين يتوقون إلى إذكاء التأثير وإرسائه في لبِّ هذه المبادرات، بما تحقّقه من تطلعات النشء، لذا، وصلت حركةُ التأثير في مؤسستنا إلى ذروتها، وما زالت تَعِدُ بالكثير.

لقد كنّا، منذ نشأة المؤسسات الأكاديمية، نتنامى ونتطلّع إلى التغيير، ونُؤسّس لحضارتنا تنميةً مستدامة، لكن الفارقَ الذي يحدث في هذه المرحلة متّسقٌ مع رؤية المملكة في تحفيز خاصية الفضول، وزيادة الوعي، وتمكين الكفء، ونشوء حالةٍ من الشغف المتصاعد لإحداث الفرق، عوضًا عن حالة الجمود التي لا تكتنفها نماذج قوية ومتعددة بشكلٍ متنامٍ وملحوظ على جميع الأصعدة..

أعتقد أننا — ومن خلال مؤسساتنا — تتخلّق لدينا شخصياتٌ مستنيرة، جريئةٌ على التجربة، ذاتُ قدرةٍ كبيرة على التحدي، لأننا مُكِّنّا، وأُهِّلْنا، وغُرست فينا جرأةُ الفضول، وجرأةُ التعبير، وجرأةُ الاعتراف بالإبداع..

لقد أصبح من اللافت جدًا أن كل مبدع اليوم بات يُشكّل نموذجًا متفرّدًا بذاته، لا يُحاكي، ولا ينسخ تجربةً غيره،

وهذه الخصوصية في الإبداع تُقرّ بقيمة التأثير، وتُعبّر عن القوة الحقيقية لأولئك الذين جرّبوا ومُكِّنوا من هذه التجارب، من مواطن التأهيل والتمكين.

وإننا حين نشير إلى المحفزات التي دفعتنا إلى اعتماد هذا النهج — من الرغبة في التغيير، وصناعة الفرق، والسعي للتأثير — فإننا، إلى جانب قيادتنا الرشيدة، ورؤيتها الثمينة في تنميتنا وتوطين جميع المجالات، ندرك أن لكلٍّ منا، بطريقةٍ ما، نموذجًا قياديًا مُلهمًا، ومن المحامد، بحق، أننا تحت مظلة نماذج قيادية عديدة أرست التمكين، ورسمت معالم التغيير، من خلال دعمها المباشر لممكناته، وأدواته، ومسالكه.

ونحن اليوم ننعمُ بكل مبادرةٍ من شأنها أن تجعلنا في مصافّ التقدُّم: بدءًا من المبادرات النوعية، ومبادرات التخصصات، ومبادرات الفكر، والتأثير، والاتصال، والإعلام، واستقطاب الكفاءات، والابتكار، والاستثمار في العقول الشابة،

وهي المبادرات التي أحدثت — في الآونة الأخيرة — أبرزَ تقدمٍ ملحوظٍ في تنمية مسارات المستقبل، والتي أصبحنا من خلالها نُنافس بكل ما نملكه من إبداع، وابتكار، وفكر، واستحقاق،

بما يليق بصورة هذا الوطن العظيم.

أروى الزهراني

ماجستير في الإعلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى