المقالات

منصة (X) وحمّالو الحطب

(السلاح في يد الجاهل.. يجرح) حكمة قديمة لا أعرف مصدرها، ربما قيلت في زمن الأسلحة البيضاء (سيف – خنجر – سكين… )! ومع تطور الأسلحة لابد أن تتطور تلك الحكمة لتصبح (السلاح في يد الجاهل.. يدمّر)، والتدمير لن يقتصر على الأفراد، بل قد يمتد ضرره إلى المجتمعات والدول! وأحد أخطر أسلحة هذا العصر هو الهاتف الجوّال!

خلال الشهر الفضيل والذي تُصفّد فيه (شياطين الجن)، بينما كان العالم الإسلامي يتناقل بفخر صور التوسعة السعودية الثالثة للحرم المكي، كانت (شياطين الإنس) من خلال حسابات مجهولة على منصة (X) تنشر بشكل متواتر صورًا ومقاطع لأفراد من مصر (تحديدًا) إما (مخالفين) للأنظمة والقوانين التي وضحتها الحكومة السعودية أو (ممارسين) لسلوكيات لا تتناسب وحرمة المكان والزمان!
تجاوزات (بعض) الحجاج (بغض النظر عن الجنسية) أمر مألوف لمن عاش في مكة والمدينة ولمن اعتاد التعامل مع الحجاج ويلتمسون الأعذار لهم، (بعضهم) كبير في السن و(بعضهم) مستواه التعليمي متدنٍّ ولا يعرف ما يجوز أن يفعله وما لا يجوز، بل إن (بعضهم) يسعى للموت حتى يُدفن في مكة المكرمة أو المدينة المنورة!
لكن، ما حدث مؤخرًا هو أن تلك التجاوزات والمخالفات (لم تكن عشوائية وعن جهل) بل كانت منظمة وبشكل علني! هناك فرد (يخالف) ويتباهى بفعلته وفرد آخر (يوثّق) المخالفة ليتم نشرها لاحقًا على وسائل التواصل الاجتماعي مع سيل من التعليقات المسيئة لحكومة وشعب السعودية!
لم تكن العلاقات (السعودية-المصرية) هي المستهدفة فقط، بل شهدت الأشهر الماضية حملة (جديدة) لبث الفتنة بين (السعودية-الإمارات) أشعلها (فرد) بدأ مشواره من تفسير الأحلام إلى الفتوى ثم تدثّر بلباس التسامح والعيش السلمي، ومن خلال هذا المشوار كان ينفث سمومه تارة على مصر ثم يغيّر البوصلة تجاه الأردن والآن نحو السعودية!
في المقابل، وأمام هذا الهجوم المستمر على السعودية، ظهرت حسابات سعودية (أغلبها مستتر) للرّد على تلك الإساءات المتتابعة، واشتعلت منصة (X) بين (بعض) الأفراد من كل بلد! ولم يكن هناك سقف للإساءات!
مع هذه الحرب الافتراضية، ظهرت أصوات عاقلة (شخصيات رسمية وعامة) تنادي بضبط النفس وعدم الانسياق خلف تلك (الحسابات الوهمية)، لكن صوت العقل لم يجد له مكانًا وسط مجلس الجهل.

ما يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة (X) ليس صدفة، بل عمل منظم ومخطّط. حسابات مجهولة الهوية (تقود) مشهد السباب وكيل التهم للطرف الآخر، (تستغل) الوطنية و(تجر) خلفها قطيعًا من الحسابات ليرسموا لوحة سوداء في صفحة العلاقات بين الشعوب العربية.
وأجدني أحذّر (مرة أخرى) من مثيري الفتنة لضرب العلاقات العربية، ممن يريدون ضرب العلاقات السعودية مع محيطها العربي، ومِن الذين يريدون التقليل من الإنجازات السعودية خاصة فيما يتعلق بإدارة شؤون الحرمين الشريفين وتنظيم الحج والعمرة.
لا يخفى على كل ذي بصيرة أن هناك (جماعات) تستتر خلف الإسلام، لكنها تنفّذ سياسات عالمية وتخدم مصالح دول كبرى (ضد السعودية)، وهناك (خونة مرتزقة) يتبعون أوامر سادتهم مقابل المال!
قد يتساءل البعض: ما الذي يدفع (فردًا) لكتابة منشورات مسيئة للسعودية وهو يسكن فيها ويجني أمواله من خيراتها ويعرض نفسه لخسارة (عقد عمله) والإبعاد نهائيًا؟
والإجابة على هذا التساؤل (غير البريء) بأنه يوجد في الدنيا من يعترف على جريمة لم يرتكبها ويوافق على دخول السجن وقضاء سنوات فيه بدلًا من المجرم الحقيقي (مقابل المال).

الخاتمة:
السياسي البريطاني الشهير تشرشل له مقولة تشرح باختصار ما يجري في دهاليز السياسة والعلاقات بين رجالها بأنه (لا عداء دائم ولا صداقة دائمة، بل مصالح دائمة).
فيا (صاحب الجوال – الهاتف المحمول) تذكّر قوله تعالى:
“وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم”
لا تندفع (بدون تبصّر) خلف كل حساب (مجهول) حتى لا يجعلك حطبًا لنار فتنة يُراد إشعالها بين الشعوب العربية.
جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه:
“سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصدّق فيها الكاذب، ويُكذّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن، ويُخوّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة.”

عبدالإله الشريف

مستشار تنفيذي- أعمال تقنية المعلومات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى