المقالات

قلق طلبة التعليم العام

ةعندما يصل الطلبة إلى المرحلة الثانوية، يدخل القلق نفوس أسرهم، من جراء محك اختبارَي القدرات والتحصيلي، وينشغل الجميع بالاستعداد لهذين الأمرين، وكلنا نعلم أن هذه المرحلة هي أهم المراحل في بناء شخصية الطلبة، وفيها يبدأ الطلبة الاعتماد على أنفسهم واتخاذ قراراتهم.

‏ يهب الجميع بإعداد العدة للبحث عن أفضل المنصات ذائعة الصيت، التي تقدم الدورات التدريبية في مجالَي القدرات والتحصيلي، والمراجع التي يستند الطلبة إليها أثناء التدريب.

‏ من وجهة نظري، هذه الحالة الراهنة، وما تشهده مرحلة الثانوية بسبب اختبار القدرات والتحصيلي، قد أضرت بالتعليم والمأمول منه تقديمه في هذه المرحلة، إذ يعزف الطلبة عن كل مصادر العلم والمعرفة، وينشغلون بالانكباب على الاستعداد للاختبارين، عبر المحاولات المتكررة، لكي يصلوا إلى درجات مرتفعة. ومن أجل هذا الأمر يقضون ثلاث سنوات وهم مشغولون بهذا الجانب تحديدًا، ما ينعكس سلبًا على تفكير الطالب، ويدفعه إلى إغفال أهم الجوانب الأخرى التي تزيد في إكسابه مهارات التفكير، وزيادة وعيه وإدراكه، واكتساب شخصيته مزيدًا من الإلهام، وتوسيع مداركه، من خلال «المجتمع المدرسي»، ورُقيِّ طريقة تعامله مع زملائه ومعلميه والمواد التي يدرسونها. كذلك يشغل الاختبار عقله خارج المدرسة، التي من المفترض أن تكون وقتًا للمراجعة والاطلاع والقراءة الحرّة.

‏ هذا الأمر شَغَلَ الطلبة عن تطوير أنفسهم وقدراتهم، لتبدو هشاشتهم المعرفية عندما يصلون إلى المرحلة الجامعية، ويتضح افتقادهم كثيرًا من المهارات والصفات الشخصية، التي من المفترض أن يكونوا عليها أثناء مرحلة الجامعة. وكل ذلك مرده أن أهم مرحلة دراسية وعمرية كانت أيامها منصبة على التدريب والالتحاق بالدورات والبرامج التي تساعدهم في الحصول على درجات عالية، وحتى عقولهم لا يشغلها إلا هذا الأمر…

‏ هذه الحالة من الاستنفار – من وجهة نظري – قد قيّدت الطلبة على مستوى التفكير على جانبين محددين، وقد أسرفوا كلَّ الإسراف، طوال السنوات الثلاث، في الجهد لتحقيق هذا الهدف؛ علمًا بأن المرحلة الجامعية، التي تنتظرهم، تريد طلبة مختلفين من ناحية شخصياتهم، ولديهم مستويات عالية من التفكير، لكي يكونوا بعد التخرج متميزين ومبدعين في تخصصاتهم، ما يعود بالنفع والفائدة على مجتمعهم ووطنهم الذي ينتظر منهم أن يسهموا في رفعته ورقيه.

‏ لذلك يجب إعادة دراسة الوضع الراهن، وإيجاد حلول مناسبة وعاجلة تعيد الطلبة إلى قاعات الدرس بجدية وتركيز عالٍ، وتطلق حرية عقولهم لتكون محلقةً ومتدبرة طوال هذه المرحلة، ويمارسون أنشطة متعددة، ويكتسبون مهارات متنوعة، ويخوضون غمار فرص تدريبية تكسبهم الإبداع والثقة، بدلًا من التركيز على جانبيين محددين (القدرات والتحصيلي)، وتكون هي المتحكمة بمستقبلهم…
‏وقد يكون الحل الأمثل في أن تعود أسئلة آخر عام دراسي إلى الوزارة، كما كانت سابقًا، وتعد في جميع المواد بشكل دقيق، حتى يكون اختبارًا حقيقيًا لقدرات الطلبة المعرفية وقياس ما تعلموه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى