من الملاحظ تأخر وتأجيل بعض البشر في إتخاذ قراراتهم في كثير من أمور حياتهم بسبب التردد ، وهو سلوك ممقوت وممرض ومعطل وتبعاته خطيرة ، و قد تكون تكاليفه باهظة. فالتردد من وجهة نظري يعد من أبرز العوائق الرئيسية التي تعترض طريق الإنسان نحو النجاح والتمكين ، إذ يؤدي إلى إضاعة فرص ثمينة لا تتكرر و يصعب تعويضها. والمتردد في شؤون حياته ، سواء كانت أسرية أو مهنية ، يكشف في الغالب عن ضعف وإهتزاز واضح وفاضح في الثقة بالنفس وخوف غير مبرر ومبالغ فيه من اتخاذ القرار. فكثير من القرارات المصيرية كما تعلمون – كاختيار شريك الحياة ، أو التقدم لوظيفة ، أو إتمام صفقة بيع أو شراء – تتطلب حسمًا و قرارا سريعًا. لكن المتردد يؤجل ، ويتراجع في اخر اللحظات ، ويتشكك ، حتى تمرّ الفرصة وتعدي ، وتصبح مجرد ذكرى موجعة نفسيا ومعنويا وماديا واجتماعيا ايضا..
فالتردد أحبتي الكرام لا يعني التأني و التفكير بتروّي والتشاور ، بل هو خوف كبير مقنّع، وقلق مفرط من النتائج. أما الحسم، فهو توازن بين التفكير المنطقي والعقلاني واتخاذ القرار في الظرف و الوقت المناسب. وفي عالم سريع جدا بمتغيراته المتنامية والمتلاحقة يسير بلا توقف، فلا مكان مطلقا لمن يقف واقفا طويلاً عند مفترق الطرق.
فعلينا فورا وبلا تردد أن نتعلم وندرب أنفسنا على الجرأة في اتخاذ القرار ، وأن ندرك يقينا بأن الخطأ والإخفاق امر طبيعي و جزء من التعلم ، فمن لا يخطيء ولا يفشل لن يتعلم ، والإنسان الطببعي يتعلم من تجارب الحياة ، والتجربة في كل الحالات هي الطريق السالكة إلى النضج والثقة. فالحياة لا ولن تنتظر المترددين ، ولا ولن تمنحهم وقتا طويلا ، ولا ولن تسير على هواهم وأمزجتهم ، بل تمنح فرصها القيمة و الثمينة أحيانا لمن يبادر ويقدم ويخوض التحديات بثقة وثبات ويقين متوكلا على الله. وفق الله الجميع لكل خير.
•أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود