يشهد مجال التصميم تحولًا متسارعًا مع توسع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي باتت قادرة على توليد هويات بصرية متكاملة تشمل الألوان، الشعارات، والخطوط خلال دقائق. ومع هذه الطفرة التقنية، يبدو للوهلة الأولى أن الإبداع قد أصبح مؤتمتًا، لكن الدراسات تكشف عن فجوة نوعية لا تزال قائمة بين إنتاج الآلة وتجربة المصمم البشري، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالدلالات العميقة والسياقات الثقافية.
يعتمد الذكاء الاصطناعي على قواعد بيانات ضخمة وخوارزميات تعلم نمطية لتوليد تصاميم متناسقة بصريًا. ورغم فعاليته في المهام التقنية، مثل تنظيم العناصر البصرية أو محاكاة الأساليب الشائعة، إلا أنه يفتقر إلى فهم السياق الثقافي الذي يمنح الهوية البصرية معناها الحقيقي. لا يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يميز بين رمز شائع وآخر مقدس، ولا بين دلالة لونية محلية وأخرى عابرة للثقافات.
في المقابل، يعمل المصمم البشري ضمن بيئة معرفية معقدة، يُشخّص من خلالها القيم والمعاني المرتبطة بالزمن والمكان والهوية. تصميم شعار لجهة سعودية مثلًا لا يقتصر على جماليات الخطوط والألوان، بل يتطلب وعيًا تاريخيًا وثقافيًا يعكس الأصالة والخصوصية. وهنا تتضح الفجوة: الذكاء الاصطناعي يجيد البناء البصري، لكنه يعجز عن استيعاب البعد الرمزي.
لذلك، فإن الرهان ليس على الاستبدال، بل على التكامل. الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة قوية، لكنه لا يغني عن دور المصمم في بناء هوية تعبّر عن الإنسان قبل أن تُرضي الخوارزمية.