في كل موسم حجّ جديد؛ تثبت بلادنا الغالية “السعودية”؛ قدراتها الفائقة على إدارة الحشود، وإدارة أكبر تجمع بشري في العالم، يتم في وقت محدد وفي مكان محدود، وبمهنية عالية وبأداء مؤسسي احترافي، يجعل من بلادنا الغالية قدوة يُقتدى بها في مثل هذه التجمعات على مستوى جميع دول العالم. ومع قرب انطلاق أعمال موسم حج هذا العام 1445هـ، تبرز الحملة الوطنية التوعوية التي تحمل شعار: “لا حج بلا تصريح” لتتصدّر المشهد، كمثال حيّ على نضج الاتصال المؤسسي، حيث تتكامل الرسائل الأمنية والتنظيمية مع القيم الوطنية والوعي المجتمعي، في نموذج فريد من الشراكة بين الدولة بجميع قطاعاتها والمواطن، ولتأتي هذه الحملة التي تهدف إلى تأكيد وتحقيق التزام وتقيد الجميع بضرورة الحصول على تصاريح الحج وفق الأنظمة والضوابط والتعليمات المتعلقة بموسم الحج، ولغرس ثقافة خدمة الحجاج والعمل على تطبيق كل التعليمات المرتبطة بخدمات الحجاج، والتي حققت نتائج إيجابية مفيدة خلال الأعوام السابقة، لتعكس في المقام الأول حرص قيادتنا الرشيدة – حفظها الله – بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – رعاهما الله – على تسخير جميع الكوادر والطاقات البشرية، وتوفير كل الإمكانات المادية والتقنية والأجواء المريحة لضيوف الرحمن؛ في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، لتأدية مناسك حجهم بكل يسر وسهولة، وتوفير كافة سبل الراحة لهم منذ وصولهم للأراضي المقدسة، وحتى مغادرتهم لها بعد إكمال فريضة الحج، في ظل منظومة متكاملة من الخدمات المختلفة والمتنوعة.
إن حملة “الحج عبادة وسلوك حضاري” في موسمها السادس عشر لهذا العام 1445هـ، والتي تجيء تحت شعار “لاحج بلا تصريح”، وتفضّل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية، بإطلاق فعالياتها في هذا العام، نيابةً عن صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، لم يأتِ من فراغ، بل هو نابع من حاجة ملحة لتنظيم حركة الحجاج، وتفادي الزحام الشديد الذي قد يؤدي إلى حوادث، أو اختناقات بشرية، فالتصريح لا يُعد مجرد ورقة رسمية، بل هو وسيلة لضمان أن كل حاج لديه مقر سكن، ووسيلة نقل، وخدمة صحية وطبية، وإعاشة، ومتابعة أمنية، تضمن له أداء مناسكه بأمان وسكينة، لتزداد فاعلية حملة “لا حج بلا تصريح” على أرض الواقع, ولتؤكد نجاحها وتقدمها بشكل منتظم سنويًا, وتحقيقها نتائج إيجابية تظهر جلياً على أرض الواقع، من خلال وعيّ الحجاج بدورها الإيجابي الذي يسهم في خدمتهم وتنظيمهم، ليتمكنوا من أداء حجهم بطريقة نظامية، وبكل يسر وسهولة، حيث تسير وفق الخطط الموضوعة لها, وفي كل عام تضع هدفًا ويتم تحقيقه بشكل جيد, لتصل هذه الحملة المباركة بتكاتف الجميع إلى جميع أهدافها، وبالتالي لتؤدي أدوارها الإيجابية التي تصب في مصلحة حجاج بيت الله الحرام, وتسهم في منع عددٍ من المظاهر السلبية التي قد يحدثها من يؤدون الحج بدون تصريح.
ختامًا؛ يطيب لي أن أرفع أسمى عبارات الشكر والتقدير والعرفان لمولاي خادم الحرمين الشريفين، ولسمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، نظير ما يقدمانه – رعاهما الله – من رعاية واهتمام لخدمة وسلامة ضيوف الرحمن ولتوجيهاتهما الدائمة لتسخير الإمكانات كافة التي تعينهم على أداء مناسكهم بيسر وأمن وسكينة, ولصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، رئيس لجنة الحج العليا، على متابعته للخطط ولكل الجهود المرتبطة بهذه الشعيرة الإسلامية العظيمة، ولصاحب السمو الملكي الأمير خالد بن فيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، ولصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية، على توجيهاته ومتابعته لأعمال لجنتي الحج التنفيذية والمركزية التي يُعمل من خلالهما طيلة العام، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة للاستعداد المبكر للموسم وتعزيز المكتسبات ووضع الآليات لمعالجة الملاحظات وتلافيها. كما أشيد بجهود وزارة الحج والعمرة، وعلى رأسها معالي الوزير الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، ومعالي نائبه الدكتور عبدالفتاح بن سليمان مشاط، التي تشدّد على ضرورة حصول الراغبين في أداء فريضة الحج، على تصريح حج عبر منصة “نسك”، بالتكامل التقني مع المنصة الرقمية الموحدة لإصدار تصاريح الحج “منصة تصريح”، والالتزام بالأنظمة والتعليمات للمحافظة على سلامة الحجاج.
كما يسرّني أن أُعبِّر عن سعادتي وغبطتي لتبني هذا المنبر الإعلامي المهم “مكة الإلكترونية” لهذه الحملة، وأُثمِّن عاليًا اهتمامها وحرصها الكبير على تفعيل هذا المفهوم وتأكيده وترسيخه عبر حملتها الصحفية هذه، لتبين هذه الحملة الإعلامية المكثفة لهذه الصحيفة الرائدة، جانباً من الجهود الجبارة التي تبذلها كل من وزارة الداخلية وإمارة منطقة مكة المكرمة، وجميع الجهات والقطاعات المختصة وذات العلاقة، التي تحرص كل الحرص على رفع مستوى التنسيق ودرجة الجاهزية لاستقبال وخدمة ضيوف الرحمن، احتساباً للأجر من المولى سبحانه، وإنفاذاً لتوجيهات وتطلعات القيادة الرشيدة – أيدها الله – في هذه الحملة المباركة, بالإضافة إلى كشفها لمكامن الضرر الذي يتسبب به مخالفي أنظمة الحج وتعليماته.
وانتهز هذه الفرصة لأُعبِّر عن سعادتي بما أشهده من تضافر جهود جميع الجهات والقطاعات الحكومية والأهلية والتطوعية والخدمية في المملكة, لدعم وتفعيل دور حملة “لا حج بلا تصريح” بشكل إيجابي والإسهام في تحقيق أهدافها, وبما وصلت إليه “الحملة” من نتائج مميزة، حيث إن أن نتائج الحملة منذ انطلاقها وحتى الوقت الراهن, في تصاعدٍ ملحوظ, وأن هناك استجابة كبيرة من جميع شرائح المجتمع في التوجه لأداء فريضة الحج بطريقة نظامية تحقق انسيابية وراحة حجاج بيت الله الحرام، وبالتالي لتُسهم هذه الحملة بشكل مباشر في خدمة ضيوف الرحمن, الأمر الذي انعكس على انسيابية حركتهم في المدينتين المقدستين: (مكة المكرمة والمدينة المنوّرة)، لتتجاوز الحملة كونها شعارًا توعويًا، لتصبح سياسة اتصالية متكاملة، تهدف إلى بناء ثقافة احترام الأنظمة، وتعزيز الوعي بمسؤولية كل فرد في إنجاح مواسم الحج. وذلك من منطلق أن الحصول على تصريح نظامي للحج، ليس إجراءً إداريًا فحسب، بل التزام وطني، وشراكة وطنية.. وصورة من صور التكاتف والمسؤولية، ومشاركة فعالة في الخروج بموسم حج آمن وسلس، لكل من كتب الله له أداء الركن الخامس من أركان الإسلام.
والله من وراء القصد،،،
* المُلحق الثقافي في سفارة خادم الحرمين الشريفين في أنقرة