المقالات

الذكاء الاصطناعي .. إلى أين ؟!

✍️ جمعان البشيري

حين يصبح المستقبل مجرد نسخة معدّلة من الماضي… وربما انعكاساً لأفكار من رحلوا قبلنا، فإن علينا أن نتقمص دور الفيلسوف المستقبلي (Futurist) فهو من يقرأ المؤشرات الحالية، ويستشرف ملامح الغد بناءً على معطيات علمية وتقنية، وسط عالم يعيد تشكيله الذكاء الاصطناعي لحظةً بلحظة.!

في 23 اكتوبر 2024 كتبت مقالاً سابق بعنوان : “ورثة التكنلوجيا .. وداع افتراضي” عن الذكاء الاصطناعي، وآنذاك كنت أظنني أطرق باب الخيال العلمي… لكن يبدو أنني كنت متأخرًا، فالخيال أضحى حقيقة، والحقيقة تجمّلت بفلتر رقمي، والنهاية كما يبدو: بداية لا يمكن التنبؤ بها..!

*رابط المقال :

https://www.makkahnews.sa/5431002.html

ورثة التكنلوجيا.. وداع افتراضي .! في صحيفة مكة الإلكترونية

اليوم، بعد أن سمعت الأخبار المتداولة عن قدرة الذكاء الاصطناعي على توليد مقاطع فيديو واقعية، بل وبإمكانه “إعادة الأموات إلى الحياة”، لم أعد أعرف إن كنا نعيش ثورة علمية، أم نُجرّب فصلاً من فيلم خيال علمي كتبه أحد المبرمجين أثناء فترة انقطاع الإنترنت عنه.

تخيل معي: أن تحمل صورة والدك المتوفي -رحمه الله- إلى أحد برامج الذكاء الاصطناعي، فيُعيده إليك بصورةٍ تتحرك وتتكلم وتضحك وتقول: “وش سويت بشهادتك؟”، وكأنك لم تُودّعه قبل سنوات. ربما البعض سيتأثر، وربما البعض الآخر سيغلق الجهاز ويبحث عن أقرب راقٍ شرعي.

نحن أمام ذكاء اصطناعي لا يكتفي بأن ينافس الكاتب والشاعر والمصمم والمبرمج، بل قرر الآن منافسة القدر نفسه.!

ماذا بعد؟ هل سيولد الذكاء الاصطناعي أطفالًا رقميين يحملون أسماء أجدادهم، ويرسلون لك تهاني العيد عبر تطبيق واتساب بنسخة ثلاثية الأبعاد؟ هل سيُصبح المستقبل سلسلة حلقات من برنامج “ذا فاميلي رجعتلك”؟

الحقيقة أن التطور مذهل، ولا يُنكر ذلك إلا متحفظ بشريّ رافض للكهرباء والتكنولوجيا الرقمية، لكن المدهش أكثر هو قدرتنا على التباهي مع هذا التطور بلا أي لحظة مراجعة.أصبح من الطبيعي أن تتلقى رسالة من جدتك المتوفاة، صوتاً و صورة، عبر تطبيق مدعوم بالذكاء الاصطناعي، تقول فيها: “افتح الكاميرا أبي أشوفك”، وترد أنت:”لحظة، ياجدتي أنا مشغول في (الميتافيرس، Metaverse)،وهو:مصطلح يشير إلى عالم افتراضي رقمي ثلاثي الأبعاد، يعيش فيه المستخدمون من خلال صور رمزية (Avatars)، ويتفاعلون مع بيئات وأشخاص آخرين كما في الحياة الواقعية سواءً في ألعاب، اجتماعات، تسوّق، أو غيرها…

الذكاء الاصطناعي اليوم يكتب الشعر، يغني، يمثل، يعتذر، يخطب، يفاوض، ويبدو أنه على وشك أن يترشح لعضوية مجلس إدارة الحياة. نحن نعيش في مرحلة من التاريخ يمكن أن نُسميها ما بعد الواقع، مرحلة تتداخل فيها الذكريات بالحوسبة، وتذوب المشاعر في الخوارزميات.

*همزة وصل:

السؤال لم يعد الذكاء الاصطناعي إلى أين؟ بل؛ هل نلحق به قبل أن يتركنا خلفه، لنحكي لأحفادنا البشريين قصصًا عن زمن كنا فيه أذكى من هواتفنا؟!

وإن كنت تقرأ هذا المقال الآن، فلا تستغرب إن سألك أحدهم غدًا؛ من كتب هذا؟ الكاتب أم الذكاء الاصطناعي؟ ستجيبه – مبتسمًا بخوف – :

ما أدري… بس واضح أنه اللي كتبه ذكي… ذكي جدًا… يمكن أكثر من اللازم..!

جمعان البشيري

محرر صحفي - جدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى