منتدى القصة

باق ومفقود

انحسرت كل الأحلام وظل واحدا هو المهيمن، وخلال العشر سنوات الأخيرة، كلما تمددت على سريرها ليلا، يتراءى إلى ذهنها منظر الكعبة المشرفة، تشهق بوجع، ومن عينينها تتحدر دمعات، ومن داخلها تعتمل لهفات، لا دواء لها إلا ملامسة كفيها لأستار البيت العتيق.

تمر السنوات وهي وزوجها يجمعان المال سنة بعد أخرى لتحقيق حلمهما، وقد بلغا الخامسة والستين عاما

في خضم المحاولات وبناء الأمل، تبرق في الأفق لمعة الحظ المتأخرة، بعد اثنتي عشر عاما، تأتي القرعة تزف تباشر السعد.

في الطائرة ظلت ملتصقة بنافذتها، كعاشق يبحث في تلافيف الفلوات والقفار، وتضاعيف الشوارع والبنايات من علو شاهق عن مفقود غال، طال الشوق لاحتضانه، عن قبس من نور يضيء جنبات روحها الظمأى.

في عرصات عرفات الطاهر، سكبت الدموع مدرارة، وفرح عارم لا مثيل له قد تغشاها، يلتصق به حزن دفين يكاد يقتلها، ضدان يتعاركان، يحشرجان في صدرها.

سألها من بجانبها عن السبب، وقد أذهله انتحابها المخلوط بابتسامات.

أجابت، وهي تشخص ببصرها وأصبعها ممدود للسماء:
لوعة شريك حلمي يلوح لي من هناك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى