البلوفونيا هي مصطلح موسيقي يعني تعدد الاصوات في أطوار وحدة عضوية او ما يسمى النمط البلوفوني، ويقابله هذا النمط رواية الصوت الواحد، وهي حسب مفهوم العضوية الأرسطي، والتي تقول: أن الرواية تشبه الجسد حيث أن لكل عضو من الجسد له وظيفة محددة وتحدد الوظيفة بالجسد ككل، ولا يمكن لأي عضو من الأعضاء يشتغل بوظيفة غير وظيفة التي خلق لها ولا يكتفي بمعناه إلا من خلال هذا العلاقة.
ورواية الصوت الواحد تتخذ الشخصيات والمواقف، بكامل دلالاتها من خلال الرواية ككل وهي صوت المؤلف نفسه لتحقيق مطالب معدة مسبقاً غالباً، وليست بحياة مستقلة تحكي حيواتها، وكما يعرف ان لشخصية في الرواية وظيفة محددة، واذا ما تم تجاوزها او تغييرها، أصبح البناء الروائي مهدد بالسقوط والانهيار، هو صوت الخفي الذي ينظم العالم الروائي، ويوجه القارئ عبر السرد والوصف والتعليق.
وتمييز صوت المؤلف عن أصوات الشخصيات في العمل الأدبي هو أحد أسس فن السرد، وتكشف أفكارًا فلسفية أو اجتماعية تعبر عن رؤية الكاتب، وصوت المؤلف يخلق الإطار العام للرواية، بينما أصوات الشخصيات لم تنفخ فيها الروح ,وهي يشبه محرك العرائس او الدم والذي يتحكم ويحركها ويقوم بأداء صوتها ولكن التمايز بينهما هو ما يجعل العمل الأدبي غنيًّا وقادرًا على محاكاة تعقيد الحياة البشرية، والرواية العظيمة هي التي تسمح لشخصياتها بالتحدث بحرية، حتى لو عارضت المؤلف.” كما قالها “ميخائيل باختين” ، الكاتب الماهر يفصل بين صوته وصوت شخصياته، فلا يفرض آراءه عليها عندما يصمت الآخرون يصبح الصوت الواحد صرخة في فراغ. كما قاله “ميخائيل باختين” والحوار في الرواية ذات الصوت الواحد ليس حوارًا حقيقيًّا، بل هو أداة سردية مسخَّرة لخدمة رؤية أحادية, ورغم محدوديته الفنية، إلا أنه قد يكون فعالًا في أعمال الرمز أو الرواية الوجودية، حيث يكون انعزال الشخصية أو سادية النظام الاجتماعي هما جوهر الموضوع، يُستلبُ حقُّ الشخصيات في التعبير عن أصواتها المستقلة، ويُهيمنُ صوتٌ سردي واحد (غالبًا صوت المؤلف أو راوٍ شامل)
غير أن جميع الشخصيات تتحدث بنفس الأسلوب واللهجة والمستوى اللغوي، لأن الكلام مرشَّحٌ عبر وعي الراوي/المؤلف، وحوار الشخصيات في الصوت الواحد تصبح امتدادًا لفكر المؤلف، فتتحدث بما يتوافق مع رؤيته (حتى لو لم يكن ذلك منطقيًا لسياقها).

2
كل مقال يحتوي اضاءة عميقة شاملة لفكرة جديدة و محددة، على الأقل لمن يضع خطوته الاولى نحو عالم الأدب و الرواية ، شكرا لسيد الأدب و الشعر .
جميل جدا استاذ حمود، كشفت عن شيء في الرواية نعيشه أثناء السرد ولم ننتبه له
