منذ الثورة الإيرانية في عام 1979م، شكّلت إيران دولة غريبة الأطوار، وانتهجت نمطًا سياسيًا مختلفًا شاذًا عن محيطها العربي والإسلامي، ولم يحظَ هذا النمط بالقبول، لا من محيطها الإقليمي ولا الدولي.
رفعت شعارات براقة، ظاهرها يخالف باطنها، ورغم ذلك حاولت دول الخليج العربي ترتيب علاقة أفضل مع هذا النمط الجديد في المنطقة، لكن تجاوب إيران كان مزاجيًا، لا تحترم اتفاقات، ولا تقبل حتى بما يُخرجها من المستنقع الذي أحاطت نفسها به.
كانت أولى حروب إيران ضد العرب، وهي الحرب العراقية الإيرانية التي استمرّت ثماني سنوات، واستنزفت طاقات البلدين من كل النواحي. وبعد توقف الحرب، هل عادت إيران إلى رشدها؟ هذا لم يحدث.
أما الضربة التي شلّت إيران بشكل غير متوقع وكشفت مدى ضعفها، فقد حدثت يوم الجمعة 13 يونيو 2025م، حين شُنّت سلسلة من الضربات الجوية غير المسبوقة وواسعة النطاق على أهداف داخل الأراضي الإيرانية. وشملت هذه الأهداف منشآت نووية، ومصانع صواريخ باليستية، وقادة عسكريين، وعلماء نوويين.
لقد تمكنت إسرائيل من تحقيق إنجاز تاريخي، بلغة التاريخ، بعيدًا عن أي مزايدات، سواء رضي البعض بهذه الضربات أو لم يرضَ. فالتاريخ يسجل بحيادية، ويدوّن اليوم هذه الضربات على دولة لم تستطع حماية علمائها، ولا حتى قادتها العسكريين، ولا منشآتها النووية. فمن يحمي من؟
المعادلة مقلوبة في إيران.
وفي الختام، تجدد المملكة العربية السعودية مواقفها الثابتة الداعية إلى السلم، ورفضها التام لهذه الضربات، في موقف غير مستغرب من قيادةٍ تحرص دائمًا على تغليب صوت العقل. فرغم ما واجهته من سوابق مع إيران، إلا أنها اليوم تقف موقفًا مسؤولًا، داعيةً إلى ضبط النفس، ومؤكدةً أن الحوار هو السبيل الأمثل لمعالجة الأزمات وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.