استقرار المملكة في قلب العاصفة.. قراءة في فلسفة الأمن السعودي وسط اضطرابات العال
د. منى بنت صالح الحضيف
قامت الحياة على الصراع فهو قانون من قوانينها التي لا يمكن للنفس أن تتجرد منه باختلاف أنواعه، من صراع مع الذات أو صراع مع الآخر، أو صراع مع الطموح والأحلام. فالصراع حالة من الضغط النفسي ناتجة عن عدم توافق مع الرغبات أو المبادئ والأفكار، وهي تسهم في تنمية قدرة الفرد على التكيف الإنساني، والتعايش مع مختلف الظروف، وإن كان لابد له أن يُحدث لك ضررًا سواءً أكان هذا الضرر ماديًا أو معنويًا، بحسب أسباب قامه وتداعياته.
والصرعات السياسية لا يتأثر بها أطراف الصراع فقط، بل يتجاوز التأثير إلى الدول الصديقة ومن في محيطها، بل يتأثر معها العالم بأسره، وهو ما يظهر في كل الحروب التي تقع بين الدول وتتأثر الدول المجاورة والاقتصاد العالمي معها، فيولد حالة تأهب قصوى.. وإعلان حالة طوارئ في كل الدول المتأثرة بتلك الظروف والمعارك، ومن ذلك ما يعيشه العالم هذه الأيام من حالة الاضطراب، فحينما حمي الوطيس بين دولتين تعطلت معها الكثير من مصالح دول العالم، منها ما شهدناه من توقف المطارات، وتغير الرحلات لمساراتها بعدما أغلقت المجالات الجوية لبعض الدول الثائرة، مستنجدة بدول ذات مواقع جغرافي استراتيجية تسمح لها باتمام رحلاتها والعبورها فوق أرضها بأمان، فشهدنا حركة جوية آمنة لخطوط الطيران العالمية؛ التي واصلت رحلاتها فوق سماء بلد الأمن والأمان، دولة السلام التي لا تسمح لنبض الحياة أن تتوقف، فكانت الطائرات فوق سماء المملكة كخلية نحل تنتظم في طريقها من كل دول العالم، متممة رحلاتها التي كادت أن تتعثر، ليشهد العالم بأسره على أحد أهم مرتكزات رؤيتة المملكة العربية السعودية بأن تكون “أهم بوابة للعالم بصفتها مركز ربط للقارات الثلاث” في أرضها وجوها نظرًا لتميز موقعها الجغرافي..
وبالأمس أثبتت المملكة للعالم أيضًا دورها الريادي وتنظيمها الذي فاق كل مهارة وأعظم تجمع عالمي سنوي بنجاح موسم الحج، من استقبالها ضيوف الرحمن من كل الأقطاب الإسلامية، وإتمامهم مناسك فريضة الحج بكل يسر وسهولة، رغمًا عن الحاقدين الذي يسعون دائمًا لتجاوز النظام محاولين التشكيك وإثارة الزعزعة في دولتنا العظيمة، فضربت بيدٍ لا تعرف التراخي على كل مفسد ومخرب ومخالف. ولم يتوقف عملها حتى بعد انتهاء الموسم؛ إذ تولت المملكة أمر الحجاج الإيرانيين البالغ عددهم نحو ٧٦ ألف حاج إيراني، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بناءً على ما عرضه سمو ولي العهد -حفظهما الله- بشأن تسهيل إقامتهم واحتياجاتهم حتى تهيأت لهم ظروف عودتهم سالمين إلى ديارهم التي اشتعل فيها الصراع.
أن تكون الحروب قائمة بمنطقة قريبة منك.. وضجيجها يحوم حول رأسك مع تصريحات مقلقة تصدر هنا وهناك.. فستكون غارقًا في قلق يحرمك الراحة، ويسلب من عينيك المنام.. لكن حينما تتلفت حولك تجد أن الحياة تسير تحت سحابة آمنة تبدد كل تلك المخاوف، تعيد إلى قلبك السكون والراحة، كيف لا وأنت تنعم بالعيش في وطن جعل من أمان أرضه وراحة الشعب هدفه الأول، فتنام قرير العين لأن هناك عين ساهرة ترعاك.