المقالات

إلهام أبو طالب وحلم الأربعة عقود!

في ليلة استثنائية، ومع بدايات صيف هذا العام، وكما هي عادة جمعية الثقافة والفنون بجدة، يختار ربان سفينتها الصديق المبدع محمد آل صبيح استضافة واحتضان المعرض الأول من نوعه كماً وكيفاً للفنون التشكيلية، المعرض الشخصي الأول للفنانة التشكيلية إلهام محمد أبو طالب، ابنة جازان، الولادة للمبدعين والمبدعات شعراً ونثراً وريشةً ورسماً وصورةً وصوتاً وصدى؛ بحضور نخبة من الفنانين التشكيليين من الجنسين، حيث افتتحت الدكتورة مها عبد الحليم رضوي، ابنة الفنان التشكيلي المعروف – يرحمه الله -، والذي تُوّجت مسيرته الفنية بإطلاق اسمه على صالة الفنون التشكيلية بمقر الجمعية – باستقطاب وتشجيع من مدير الجمعية -، والتي أصبحت علامة فارقة في نشاطات الرسم والفنون التشكيلية بالجمعية، بما تقيمه من معارض فنية لمبدعين ومبدعات الوطن لهذا الفن الذي أصبح يستهوي الكثير من عشاق مدارسه التشكيلية.

عندما أقول “الأول من نوعه”، فهي حقيقة لعدة اعتبارات، وعلى رأسها أن هذا المعرض كان حلم الفنانة التشكيلية إلهام أبو طالب، التي وضعت أول لبنة لريشتها الفنية قبل أكثر من ثمانية وثلاثين عاماً، عندما رسمت فيه أول لوحة لها في شبابها وما زالت تحتفظ بها حتى تاريخه، والتي أنجبت أكثر من مائة لوحة جديدة، شاركت منها في هذا المعرض بما يربو على خمسين لوحة حملت بصمات أناملها وفكرها، وهي تعبّر من خلالها عن مشاعرها وشعورها بالحياة رغم الظروف الخاصة التي أحاطت بها، باعتبارها من ذوي الهمم نطقاً وسمعاً.

إلا أن لسانها تحرر بفعل القرآن الكريم ومجالستها لوالدها في طفولتها، الذي تعلّمت منه السمع عن طريق تحسس ذبذبات الحروف من الحلق وحركة الشفاه، وتحسّن سمعها بالتفاعل مع من حولها، وبالذات ابنتيها اللتين ترافقانها وتشجعانها، كما كان والدها يشجعها في مرحلة الطفولة حتى انطلقت بكامل حواسها لتبدع وتشارك المجتمع بإبداعها الفني، إذ لم يعطّل فكرها وتفكيرها، بل استغلتهما في تفعيل أناملها الذهبية من خلال هذه اللوحات، التي كانت محط إعجاب الفنانين والفنانات الذين حضروا وأشادوا واستمتعوا بما شاهدوا على جدران المعرض، وهي تتنقل بين الواقعية والسريالية والتكعيبية، ولم تنسَ بيئتها التي عبّرت عنها بعقود الفل الجازاني.

فكان هذا المعرض، بحسب كلماتهم، من أجمل ما شاهدوا في هذه القاعة من حيث اختيار الفكرة واللون والحجم وبلوغ الهدف.

هذه الفنانة سبق وأن نُشر عنها قبل ما يقرب من أربعة عقود، الزميل الصديق الإعلامي خالد خضري في جريدة الندوة، عندما التقاها في الطائف تحت عنوان: أحلم بمعرض شخصي.

وبعد هذا الزمن كله، تحقّق لها اليوم في جمعية الثقافة والفنون بجدة حلمها بإقامة معرضها الشخصي الأول، الذي سوف يستمر أربعة أيام من بعد مغرب كل يوم في مقر الجمعية، وفيه يدعو آل صبيح المهتمين بهذا الفن التشكيلي لزيارة المعرض والاستمتاع بما يضم من عشرات اللوحات الفنية التي رُسمت بريشة الفنانة إلهام أبو طالب لأربعة عقود، والتي انطلقت، بحسب قولها، من قول سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مخاطباً العالم:

“إن همّة المواطن السعودي كجبل طويق، لن تنكسر.”

اللوحات التي زينت جدران المعرض حملت دلالات فنية أخرى، إذ ربطت العارضة كل لوحة بجزء من نصوص شعرية مغنّاة لشعراء وفنانين كبار، وعلى رأسهم الشاعر بدر بن عبد المحسن – يرحمه الله – والفنان محمد عبده، فكانت هذه اللوحات ودلالاتها الشعرية مثار نقاش بينها وبين الحاضرين، ترجمتها لهم الدكتورة مها عبد الحليم رضوي بشيء من الشروحات، باعتبارها فنانة تشكيلية وذات علاقة فنية بصاحبة المعرض من باب التشجيع واحتضان المواهب المبدعة وتقديمها للجمهور.

انعطاف قلم:

كانت ليلة استثنائية، بمشاركة الفنان حسن إسكندراني الذي توّج المعرض بمقطوعات غنائية، كما كان لحضور الدكتور صالح الشادي وكلماته للفنانة، وهو يشيد بما شاهد، إلى جانب كلمات ابنتيها والدكتورة مها رضوي، وفنانات وفنانين تشكيليين، والذي اختتم الفعالية بعدهم مدير الجمعية محمد آل صبيح بكلمة ضافية، ومن ثم قدّم درعاً تذكارياً بهذه المناسبة للفنانة إلهام أبو طالب، وتقاسم الحضور مشاعر الفرح بما تم تقديمه على هامش المعرض

عبدالله أحمد غريب

نائب رئيس نادي الباحة الأدبي السابق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى