يحضر المدير كل صباح ويبدأ أولاً بالسلام على جميع موظفيه الذين يعملون معه، والابتسامة تزين وجهه.
ويشيع هذا المدير جوًّا من الألفة والصداقة في دائرته، فجميع موظفيه يأتون إلى أعمالهم متحمسين، مبتسمين، متحفزين إلى إنجاز أعمالهم بكل ما عندهم من جهد وعمل.
وفي مجال التحفيز يسلك هذا المدير أساليب جديدة في تحفيز موظفيه وصقل إبداعاتهم، فقد خصص مستشاراً اجتماعياً لموظفيه لحل مشاكلهم الاجتماعية، فكانت النتيجة زيادة كبيرة في إنتاجيتهم ومزيداً من الأفكار والابتكارات من الموظفين، مما أسهم في زيادة أرباح الشركة.
وأما تقييمه لموظفيه، فلدى هذا المدير أسلوب ابتكاري في التقييم؛ فهو في كل سنة يعطي أحد موظفيه الحرية في تقييم نفسه ويعتمد تقييمه هذا ويرفعه للإدارة لاعتماده، بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يصر على أن يقيمه موظفوه ويبدون رأيهم في مستوى أدائه وكيف يمكن أن يحسن من أسلوبه وإدارته ليرفع مستوى إنتاجيتهم.
لا شك أن كل موظف يتمنى أن يحظى بمثل هذا المدير الذي سيساعده ليطلق كل إبداعاته وإنجازاته، لتنعكس على الإدارة والشركة التي تجمعهم، فيرتفع الأداء وتزيد الإنتاجية وتزيد الأرباح.
ولا تستغربوا من بعض ما ذكر آنفاً وتظنوه أحلاماً لا واقع لها، فقد بدأت كثير من الشركات في تطبيق أساليب ابتكارية في الإدارة والتحفيز.
فشركة جوجل العملاقة، التي أصبحت مصدراً رئيسياً للمعلومة لا غنى عنه، لم تصل لهذا المستوى من النجاح إلا بأساليب إبداعية ومبتكرة لتحفيز موظفيها.
فقد سمحت جوجل للموظف بأن يصمم مكتبه كما يشاء ليشعر وكأنه في غرفته الخاصة.
وتوجد في الشركة حمامات سباحة لاسترخاء الموظفين.
وإذا لم تكن تعجبك تسريحة شعرك، فلديك في مقر عملك مصففو شعر محترفون لتصفيف شعرك كما تريد. وإذا شعرت بالجوع، فلديك مطعم يحتوي على كل الأكلات العالمية وبالمجان.
وإن كان لديك أبناء فلا داعي للقلق عليهم، اصطحبهم معك إلى العمل؛ لأن هناك أماكن لعب خاصة لأبناء الموظفين. أما إذا شعرت بقليل من الإرهاق، تستطيع الحصول على مساج على يد خبراء متخصصين.
وقبل عدة سنوات وفرت شركة ماريوت إنترناشونال خدمة حل المشاكل الاجتماعية بين الأسر التي يعمل لديها أحد أفرادها، فاستفاد من هذه الخدمة 17 ألف موظف، وأوضحت استطلاعات أولية أن الشركة حصلت على معدل 418% من العائد على استثماراتها، كما أن أداء العمل تميز بالجودة وتحسنت العلاقات بين الموظفين.
وعلى صعيد الكتب، ظهرت كتب ومؤلفات إدارية تهتم بهذا الجانب الابتكاري في المجال الإداري.
فقد ذكر جون بوتزاير في كتابه بعنوان:
(101 Innovative Ways to Make Your Company a Great Place to Work)
عدداً من الأفكار الابتكارية لتحسين مناخ الإنتاج في العمل ورفع مستوى أداء العاملين. ومن هذه الأفكار: إيجاد أماكن للراحة داخل مكان العمل يتوفر فيها أسرّة للراحة، ويمكن للموظف تصفح بعض المجلات أو حتى مجرد الجلوس مع الزملاء في جو أسري، وبدأت فعلاً الكثير من الشركات في تطبيق هذه الفكرة.
ومن هذه الأفكار أيضاً إطلاق أسماء أفضل العاملين على غرف الاجتماعات في الشركة. ويذكر المؤلف أنه بهذه الأفكار غير المسبوقة يمكن للشركة أن تحافظ على موظفيها وتحبب لهم المكان الذي يعملون فيه ويزداد شعورهم بالولاء له والانتماء إليه. أما الأساليب التقليدية فقد عفا عليها الزمن وأصبح الموظف لا يقبلها ولا تؤثر فيه (انتهى كلامه).
وفي كتابه The People Principle
ذكر رون ولينجهام:
“بعد رحلات مضنية عبر نظريات وممارسات إدارية متباينة مثل الإدارة بالأهداف وإدارة الجودة الشاملة والإنتاج اللحظي والتحسين المستمر، لم يجد المديرون ورجال الأعمال بُدًّا من العودة إلى المبدأ الأول وهو البشر أنفسهم. فأنت تستطيع أن تستأجر سواعد الأفراد وعقولهم لتصميم وتنفيذ العمليات، لكنك لا تستطيع امتلاك قلوبهم”.
ويضيف المؤلف قوله:
“من هنا يعود التحول من هندسة العمليات إلى قيادة السلوكيات أو هندسة العلاقات” (انتهى كلامه).
إذن، مما سبق ذكره يتضح أن عصر المدير المتطور والشركة المبدعة ليس بعيداً ولم يعد حلماً، بل أصبح حقيقة واقعة وظهر ويزداد ظهوره في كثير من الشركات، وانعكس على إنتاجيتها وإبداعها ونجاحها وأرباحها. فهل يمكن أن نرى الكثير من هذه النماذج في شركاتنا وبين إداراتنا وفي أعمالنا؟






