في وقت بات فيه الإعلام لاعبًا أساسيًا في تشكيل الرأي العام، يبرز خطر التعصب الرياضي بوصفه ظاهرة متنامية تهدد الاستقرار المجتمعي، وتُذكي العداوات والصراعات، ليس فقط بين جماهير الأندية، بل أحيانًا داخل الأسرة الواحدة، حيث ينقسم أفرادها بين مؤيد لهذا الفريق أو ذاك، متأثرين بما يشاهدونه في وسائل الإعلام أو يتابعونه عبر منصات التواصل الاجتماعي.قد أصبح التشجيع الرياضي الصحي جزءًا من الثقافة المجتمعية، ومظهرًا من مظاهر الانتماء والهوية، ولكن حين يتحوّل إلى تعصب أعمى، يشعل الخلافات، ويغذي الكراهية، ويتحول إلى صراع لا أخلاقي، فإن الأمر يستوجب وقفة جادة من كافة الجهات المعنية، وفي مقدمتها وسائل الإعلام والإعلاميون الرياضيون.
تشير دراسة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني (2021) إلى أن 62% من الشباب السعودي يرون أن الإعلام الرياضي يساهم في تأجيج التعصب بدلاً من الحد منه، في حين يرى 58% أن بعض البرامج الرياضية تفتقر إلى المهنية والموضوعية. وتؤكد دراسة أخرى أجرتها هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية (2020) أن ما نسبته 71% من المشاركين يتابعون المحتوى الرياضي عبر برامج التواصل الاجتماعي، لا سيما إكس (تويتر سابقا) ويوتيوب، وأن 35% منهم تأثروا سلبًا بما يبث من محتوى متعصب أو استفزازي.
إن بعض الإعلاميين الرياضيين، بدلاً من أن يكونوا صوتًا للتوعية والتثقيف، تحولوا إلى مشعلين للفتن، يهاجمون الفرق المنافسة، ويسخرون من الجماهير الأخرى، ويُقحمون العبارات المسيئة، مما يجعل الأطفال والمراهقين يتقمصون هذا الأسلوب في أحاديثهم وسلوكياتهم. فوفق دراسة صادرة عن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (2022)، فإن الأطفال والمراهقين هم الفئة الأكثر تأثرًا بخطاب التعصب الرياضي، حيث تُزرع فيهم بذور الكراهية مبكرًا، ويبدأون في تقليد الإعلاميين المتعصبين في أسلوب الحديث، والسخرية، بل وربما يصل الأمر إلى العنف اللفظي والجسدي في المدارس والملاعب والأحياء.
وفي تقرير اخر لمنظمة اليونسيف حول “الإعلام والطفل” (2021)، حذّرت من خطورة النماذج السلبية في الإعلام الرياضي، ودعت إلى تقييد المحتوى الذي ينشر خطاب الكراهية أو السخرية الرياضية، مطالبةً بتفعيل دور الإعلام في غرس قيم التسامح والتنافس الشريف.
هناك مسؤولية جماعية ومقترحات عملية في هذا المجال ، وهي كالتالي:
1. وسائل الإعلام مطالبة بأن تكون شريكًا في تعزيز الوعي الرياضي السليم، من خلال برامج توعوية، واستضافة محللين معتدلين، وتبني حملات إعلامية ضد التعصب الرياضي بالتعاون مع وزارة الإعلام ووزارة التعليم ووزارة الرياضة.
2. على الاتحاد السعودي للإعلام الرياضي وضع ضوابط صارمة لاختيار الإعلاميين الرياضيين، ومنع أي إعلامي ثبت عليه إثارة التعصب أو الإساءة المتكررة، بل يجب إبعاده عن المنابر الإعلامية تمامًا.
3. يجب على وزارة الإعلام أن تفعل نظام العقوبات الإعلامية وتفرض غرامات أو إيقافات على القنوات أو البرامج التي تنشر أو تسوّق لخطاب التعصب، مع وجود وحدة رصد رقابي فاعلة وسريعة الاستجابة.
4. لا مانع من الميول الرياضية والتشجيع، بل هو أمر صحي، ولكن على الجميع أن يدرك أن الرياضة تنافس شريف، وليست ساحة للصراعات أو محركًا للضغائن.
ختامًا ، اقول التعصب الرياضي لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل مهدد حقيقي للنسيج المجتمعي إذا لم يتم التصدي له بوعي وحزم. والإعلام اليوم، بكل انواعه و أشكاله، إما أن يكون جسرًا للسلام والمحبة، أو وقودًا للفتنة والانقسام. فلنختر أن نكون صوتًا للعقل، وعدسةً للحق، ومنبرًا للتسامح.
• أستاذ الإعلام – جامعة الملك سعود







مقال رائع د.تركي وهذا المفروض البعد عن التعصب المقيت . ويفترض وزارة الإعلام يكون لها دور صادق وبارز في الحمله ضد المستصحفين اللي لايملكون الا التعصب الاعمي لفريقهم وما سواه لا يعطيه حقة . اذا فاز فريقة فإنه احسن فريق في العالم واذا انهزموا فهذا من أطراف خارجية ضدة .
للأسف غفيت البرامج منذ زمن بهذا التعصب ولا زال باسم الاثارة والتشويق فأين المهنيه والمصداقية واتحدي جميع البرامج الا ماندر من قله من المقدمين اللذين يحاولون ان يكونوا مهنيين وصادقين خصوصا الشباب الجديد ويعدون اقل من عدد أصابع اليد ✋️ الواحده اما برامج الكهيل فهي مصدر ومرتع للتعصب المقيت من كبار في السن من المذيعين او الضيوف اللي افضل واحد فيهم مثل عقليه أصغر مشجع غير مثقف . نسأل الله أن يصلح رياضتنا من بدايه وزارة الرياضة الي الاتحادات الي وزارة الإعلام الي الرقابه الصادقه وظهور مذيعين وضيوف لايعانون من عقد نفسيه ومرضي بالتعصب اللي نتيجته انعكس سلبا علي منتخباتنا جميعا .