عام

«حسن النويري».. موهبة فطرية أضاءت خارطة شعر العرضة الجنوبية

يقرأ في الروايات والفلسفة والدين ليثري شعره بأفكار تتجاوز حدود الإبداع

في ساحة العرضة الجنوبية، حيث يتنافس الشعراء على المجد، يبرز اسم الشاعر «حسن النويري» كأحد الأصوات الشابة اللافتة، التي جمعت بين فطرة الشعر ونضج الرؤية، فمنذ صغره ارتبط بالقصيدة كما يرتبط الإنسان بأرضه، فكان الشعر جزءاً من تكوينه لا تكلّف فيه ولا تصنّع، ويمضي بثبات في ميادين الشعر، مستندًا إلى موهبة تنمو في كل محفل، وثقة مستمدة من بيئته ولهجته، وحريصاً على تقديم قصيدة تعبّر عنه، وتُشبهه وحده.

وكشف «حسن النويري» أن الساحة الشعرية في العرضة الجنوبية غنية بإبداعات القصائد، لكنها تواجه صعوبات تتعلق بالمجاملات والتكرار، وأكد أنه يعتبر كل حفلة يحضرها بمثابة تحدٍ خاص، حيث يسعى لضمان توافق أدائه مع مستوى الجمهور وفن شعر العرضة. كما أشار إلى رفضه التصنع عند إلقاء قصائده، وحرصه على الحفاظ على شخصيته الشعرية وطبيعته دون تقليد، وأضاف أن أحد الحضور أخبره أن إحدى قصائده قد غيرت نظرته تجاه شخص كان يكرهه، واصفاً ذلك بأنه دليل على أن الشعر يمكن أن يكون له تأثير قوي وناعم في قلوب الناس.

فإلى باقي الحوار مع الشاعر «حسن النويري»، الذي جمع بين صدق القصيدة وهدوء الحضور، ورؤية شاعرٍ يدرك مسؤولية الكلمة..
1. متى بدأت علاقتك بالشعر؟ وهل تذكر أول قصيدة كتبتها؟
علاقتي بالشعر بدأت منذ طفولتي، تحديدًا في عمر التاسعة، وربما قبل ذلك، فقد كنت أحفظ القصائد وأتذوقها بشغف، أما أول محاولة شعرية أتذكرها، فكانت بيتان كتبتهما في المرحلة المتوسطة، وذهبت بها إلى والدي ليقول رده عليها، فقلت:

أقرب دلال البن الأشــقر ودق البن دق
ما دام لهب الجمر الأحمـر يشــــي لها
فرد عليّ مازحاً:
ما قلت لك خل الجـنابا وخل البنـــــدق
لــكـــنّ قــلـي فـين كـــفٌ يــشيلـــهـا

وما زلت أبتسم كلما تذكرت رده على القصيدة.
2. من الذي اكتشف موهبتك أولًا، وشجعك على الاستمرار؟
كان والدي -حفظه الله- أول من لاحظ ميولي الشعرية، وحرص على دعمي وتشجيعي، وكان يأخذني إلى الحفلات، ويختار بعناية الحفلات التي يحضرها الشعراء الكبار لأتعلم من تجاربهم وأساليبهم في القصائد.
3. هل كان هناك شعراء تشعر برهبة مواجهتهم في بداياتك؟
الرهبة شعور طبيعي، خاصة في البدايات، لكن الوعي الذي يتمتع به أغلب الشعراء الذي شاركت معهم خفف من ذلك كثيراً، بل وجدت منهم دعمًا واحتراماً، سواء من جيل الشيبان، أو من الشباب المتمكنين.
4. ما المواضيع التي تحرص غالباً على تناولها في قصائدك؟ ولماذا؟
لا أتعمد اختيار موضوعات بعينها، ولا أرهق فكري بتصنع المواضيع، بل أترك القصيدة تأتي من تلقاء ذاتها، بحسب اللحظة والظرف، وكما يُقال أترك الأمور على سجيتها.
5. هل ترى نفسك شاعراً بالفطرة أم أن الممارسة صنعتك؟
أعتبر نفسي غالباً شاعراً بالفطرة، لأن الموهبة في الأساس فطرية، لكن الممارسة هي التي تعمل على صقل هذه الموهبة وتزويد الشاعر بالأدوات اللازمة للتميّز والنضج.
6. هل تلجأ إلى قراءة الكتب لتطوير إمكانياتك؟ وما نوع الكتب التي تقرأها؟
بالتأكيد، أقرأ للاستمتاع والتطوير معًا، وقراءاتي متنوعة ولا تقتصر على نوع واحد؛ أتنقل بين كتب الروايات والدينية والفلسفية وغيرها من الكتب المهمة، فكل كتاب يحمل فكرة، وكل فكرة قد تصنع بيت شعر.
7. هل سبق وشاركت في أمسيات أو مسابقات شعرية؟
شاركت في عدة أمسيات شعرية، أما المسابقات فلم أشارك فيها حتى الآن.
8. كيف ترى تفاعل الجمهور مع قصائدك على وسائل التواصل؟
استقبل تفاعلاً إيجابياً ودعماً مميزاً من الجمهور، ولكنني أطمح دائماً إلى زيادة نطاق هذا الدعم والإعجاب والوصول إلى جمهور أوسع.
9. هل ترى أن الشعر وسيلة للتعبير عن هويتك ومجتمعك؟
بلا شك، الشعر أداة تعبير عن الهوية والانتماء، وهو مرآة تعكس قبيلتي وبيئتي ومجتمعي بشكلٍ نقي ومباشر.
10. إلى أي مدى تحمل قصائدك طابع منطقتك أو لهجتها؟
غالبية قصائدي تنبض بلهجة منطقتي، وتستوحي صورها من بيئتي وجذوري، لأنني أؤمن بأن الشاعر لا ينفصل عن أرضه وثقافته.
11. ما أكبر تحدٍّ واجهته كشاعر شاب في مشاركاتك؟
كل حفلة أحضرها أراها تحدياً بحد ذاتها، لأنني أحرص على الظهور بمستوى يليق بالجمهور وبالشعر نفسه، فالأمر ليس خوفاً بقدر ما هو اهتمام لما سأقدمه في الحفل.
12. ما هي طموحاتك الشعرية؟ وهل تطمح لتوثيق قصائدك؟
بصراحة أسعى لتوثيق قصائدي، ليس بحثاً عن الشهرة، بل لضمان أن تبقى بصمتي حاضرة حتى في غيابي، والطموح هو أن أكسب الاحترام من خلال ما أقدمه من قصائد.
13. كيف تحرص على أن يكون لك أسلوب خاص ومتفرد في الشعر؟
أتمسك بشخصيتي في قصائدي، وأرفض التصنع أو تقليد الآخرين. واحرص على اختيار الألفاظ والصور التي تميزني وتعبّر عني بصدق، وابتعد عن التقليد أو تكرار الأساليب.
14. برأيك، هل على الشاعر الشاب التجديد في العرضة أم التمسك بأساليبها التقليدية؟
التجديد مطلوب، لكنه يحتاج إلى وعي وذكاء. ومن الجميل كسر القوالب التقليدية، دون المساس بالهوية والأصالة التي تميز شعر العرضة.
15. ما رأيك في الساحة الشعرية اليوم؟ وهل تعاني من المجاملات أو التكرار؟
الساحة الشعرية في العرضة الجنوبية مليئة بالإبداع، لكنها تعاني من المجاملات والتكرار، وهناك ضعف في التمييز بين الجيد والعادي، والإعلام للأسف منشغل بأمور أخرى لا تخدم الشعر الأصيل.
16. كيف ترى دور الإعلام في دعم أو تجاهل المواهب الشعرية الشابة؟
بعض وسائل الإعلام تروّج لأسماء لم تكتب بيتاً يستحق الترويج، وتتجاهل شعراء مبدعين ويستحقون الاهتمام، وهذا خلل يجب أن يُراجع.
17. هل تأثرت يوماً بنقد الجمهور؟ وكيف تتعامل مع الملاحظات السلبية؟
إذا جاء النقد من شخص يفهم الشعر، فأعتبره هدية وأستفيد منه. أما إن كان مجرد ضوضاء فارغة، فلا أعير له اهتماماً.
18. ما أكثر تعليقاً أو موقفاً من جمهور الساحة ترك أثراً فيك؟
أحد الجماهير قال لي ذات مرة: قصيدتك غيّرت نظرتي إلى شخص كنت أكرهه، حينها أدركت أن الشعر قوة ناعمة تؤثر وتغير.
19. ماذا تقول للشعراء الشباب الذين ما زالوا يخجلون من نشر قصائدهم؟
القصيدة التي لا تُقال تموت، والشاعر أول من يخسرها، فلا تتردد في نشر قصائدك، وأقول هذا لنفسي أيضا.
20. هل لديك كلمة أخيرة توجهها للقراء أو للشعراء عموماً؟
لجمهور العرضة أقول: انظروا بعقولكم، لا تجعلوا أسماعكم رهينة توصيات غيركم، فالقصيدة شعور ومكانها الحقيقي يكسب ولا يمنح، وللشعراء أقول: الضوء لا ينقص إن امتد، لكنه قد يعمي من يحاول احتكاره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى