المقالات

نعيش عصر الإرهاب الإسرائيلي

يتفق العديد من المراقبين بأن ما يحدث للفلسطينيين الآن هو هولوكوست صهيوني بامتياز، وأن الإرهاب الحقيقي الذي تعاني منه المنطقة والعالم الآن هو الإرهاب الإسرائيلي الموجود منذ عشرات السنين، والذي لم يستهدف الشعب الفلسطيني وحده، بل استهدف الأردنيين والسوريين والمصريين واللبنانيين والإنجليز والأمريكيين (ضحايا السفينة ليبرتي)، وغيرهم، وأن “الموساد” الإسرائيلي هو أخطر منظمة إرهابية تمارس القتل والاغتيال والخطف على مستوى العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين حتى الآن، وهي امتداد لمنظمات الأرجون والبالماخ وشتيرن الإرهابية التي كانت تمارس المذابح الدموية ضد أبناء الشعب الفلسطيني وتقتل الضباط الإنجليز في فلسطين وتعلق أجسادهم على أفرع الشجر لدفعهم إلى الانسحاب والإعلان عن دولة لليهود في فلسطين، واتضح أن إسرائيل هي التي تقف وراء اغتيال الوسيط الدولي الكونت برنادوت، والرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي، وهي لم تتورع من خلال متطرفيها عن قتل رئيس وزراء إسرائيل الأسبق اسحق رابين نفسه، لأنه كان جادًا في سعيه لتحقيق السلام مع الفلسطينيين. لقد مارست إسرائيل جرائم لم تصدر عن النازيين أنفسهم عندما طلب الإسرائيليون من الجنود المصريين في سيناء في حرب 1967 حفر قبورهم بأيديهم ثم دفنتهم أحياء، وقتلها أطفال مدرسة بحر البقر في مصر مع سبق الإصرار والترصد. وإسرائيل التي تدعي أن ما تقوم به من عمليات إبادة جماعية في غزة وقتل للطواقم الطبية، مع ادعائها بأن مقتل حوالى 65 ألف من الغزاويين الأبرياء وجرح وإعاقة عشرات الآلاف ثلثهم من الأطفال بأنه دفاع عن النفس، بينما هي في واقع الأمر هي لا تستهدف حماس على وجه الخصوص، التي لا تشكل سوى بضعة آلاف من أهالي القطاع، وإنما تستخدم ترسانتها المسلحة الرادعة في قتل النساء والأطفال والشيوخ من خلال الإبادة الجماعية إلى جانب تدميرها للأبنية السكنية والمدارس والمستشفيات ودور العبادة الإسلامية والمسيحية والبنية التحتية بشكال عام. وقد نجحت هذه الدولة المارقة التي تمارس الإرهاب جهارًا نهارًا في اغتيال المئات – فلسطينيين وغير فلسطينيين – من القادة والصحفيين والمفكرين والعلماء على مدى السنوات الماضية.
والجريمة التي نفذتها إسرائيل مؤخرًا والتي استهدفت قادة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، بينما كانوا يدرسون مقترحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتسببها في مقتل خمسة من رجال حماس، منهم ابن زعيمها خليل الحية، إلى جانب حارس أمن قطري، تعتبر جريمة إرهابية شنعاء، وتعد انتهاك صارخ لسيادة قطر، وللقانون الدولي، ولا ينبغي أن تمر مرور الكرام. تلك الجريمة ليست الأولى من نوعها، ولا أعتقد أنها ستكون الأخيرة ما لم يتخذ المجتمع الدولي موقفًا حازمًا لدفع إسرائيل إلى التوقف عن ممارسة جرائمها ضد الشعب الفلسطيني ودول المنطقة. إن المرء لا يستطيع أن يتصور أن تقوم خمسة عشر طائرة حربية ليس في مهاجمة مواقع عسكرية، وإنما مقار سكنية وتعريض حياة السكان والمارة للخطر. أما ما هو أغرب من ذلك، فهو أن الجريمة الإرهابية الإسرائيلية (الفاشلة) استهدفت قطر التي تقوم بدور الوساطة، هي وجمهورية مصر العربية لإنهاء حرب غزة ووضع نهاية لمعاناة الغزاويون. وقيام إسرائيل بهذه الضربة يثبت أن إسرائيل ترسل رسالة للعالم كله انها لا تريد إيقاف الحرب ولا تريد السلام بل كل ما تريده هو استمرارا للقتل والفوضى والحرب. الجريمة الإسرائيلية البشعة التي قوبلت بالإدانة والاستنكار من قبل كافة دول العالم، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجية التي أعلنت عن تضامنها الكامل مع قطر ضد العدوان الإسرائيلي المباغت، والموقف السعودي بشكل خاص، حيث أجرى سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مكالمة هاتفية مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأخبره أن السعودية تضع كل إمكاناتها لمساندة قطر.
دعوة قطر لمجلس الأمن بشأن هذا العدوان يضع واشنطن أمام موقف حرج، فاستخدامها للفيتو في هذا الموقف يشكل ضربة للعلاقات القطرية – الأمريكية. أما إعلان قطر التوقف عن القيام بدور الوسيط في تلك المفاوضات من شأنه أن ينهي هذه المهزلة بعد الكشف عن وجه إسرائيل القبيح. الوضع الحالي بكل تداعياته يضع إسرائيل مجددًا في وضع الدولة المارقة التي تعاني من العزلة اقترانًا من نهايتها المحتومة.

د. إبراهيم فؤاد عباس

مؤرخ ومترجم وكاتب - فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى