قديماً كانت شراكة الأسرة مع المدرسة تتلخص في المقولة الشهيرة لولي الأمر عند تسجيل ابنه: «لكم اللحم ولي العظم»، ولم يكن هناك دور يتجاوز هذا التصريح. ومع مرور الوقت وانتشار التعليم وزيادة الوعي المجتمعي، تطور دور الأسرة وتعاونها مع المدرسة بصورة أفضل، لكنه لم يصل بعد إلى المستوى الحقيقي الذي يجعل الأسرة ركيزة أساسية في منظومة التعليم.
فدور الأسرة لا يقتصر على توفير المستلزمات المادية أو دعم الواجبات المنزلية، بل يمتد لتكون شريكاً حقيقياً في جودة العملية التعليمية وتحقيق نتائج تعلمية أكثر عمقاً واستدامة. وعلى الرغم من المبادرات المتعددة، ظل حضور الأسرة محدوداً حتى بدأت هيئة تقويم التعليم والتدريب بتقويم المدارس عبر فرق خارجية وأدوات ومعايير دقيقة. ومن بين هذه المعايير:
- مدى توفير المدرسة برامج للتوعية بدور الأسرة في دعم تعلم الأبناء.
- مدى توفير فرص للتواصل الفعّال مع الأسرة.
- إشراك أولياء الأمور في استبيانات تقيس رضاهم عن المدرسة وبرامجها.
هذا التقويم أحدث حراكاً واسعاً في الميدان، وأشعر الأسر بأهمية دورها ومشاركتها الفعلية. ولم تكتفِ الهيئة بذلك، بل أطلقت تطبيق «مستقبلهم» الموجه بالدرجة الأولى لأولياء الأمور وطلاب التعليم العام، ويهدف إلى:
- تمكين ولي الأمر من متابعة مسيرة أبنائه التعليمية.
- مقارنة أداء الأبناء بأداء أقرانهم على المستوى الوطني.
- الاطلاع على نتائج الاختبارات الوطنية والدولية وأثرها على مستقبل الطلاب.
- تعزيز خبرات أولياء الأمور في بناء شخصية أبنائهم وتنمية روح المواطنة والمسؤولية.
التطبيق يحتوي على تقارير وبيانات ومؤشرات مهمة، حيث نُشر أكثر من 24 ألف تقرير مدرسي يستفيد منها ما يزيد على مليوني ولي أمر، إضافة إلى نشر 254 اعتماداً مدرسياً للمدارس الأهلية والعالمية، بما يضع ولي الأمر أمام معلومات دقيقة وشفافة.
إن هيئة تقويم التعليم والتدريب تبذل جهوداً كبيرة لجعل الأسرة شريكاً حقيقياً للمدرسة، عبر:
- بناء ثقافة مدرسية تشجع على الشفافية والتعاون.
- إطلاق قنوات تواصل فاعلة (مثل تطبيق «مستقبلهم»).
- التحول من المشاركة الموسمية إلى شراكة مستمرة.
- ترسيخ مشاركة الأسرة كعنصر رئيسي في العملية التعليمية.
- تحميل ولي الأمر مسؤوليته في دعم المدرسة وبناء مستقبل أبنائه.
- الإسهام في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 من خلال تعليم متميز ومجتمع متفاعل ومسؤول.
ختامًا
إن الأسرة حين تدرك أن المدرسة ليست وحدها المسؤولة عن تعليم الأبناء، يتحقق التكامل وتزداد فرص النجاح. وبهذا تصبح شراكة المدرسة والأسرة عقداً متيناً يضمن مستقبل أجيال تصنع الغد بثقة واقتدار






