مع انطلاقة العام الدراسي الجديد، يتجه يوم الأحد 23/ 2/ 1447 أكثر من نصف مليون معلم ومعلمة إلى مدارسهم ، يعودون لأداء أشرف وأجل رسالة في أقدس وأطهر بلد ، يعودون والكل يترقب هذه العودة المباركة واليد الحانية التي تحتضن فلذات الأكباد …
ربما يُنظر إلى المعلم في بعض الأحيان على أنه يشغل مهنة مثل أي مهنة أخرى وأن دوره يقتصر على تقديم الحصص الدراسية وبعض الأنشطة المكلف بها ، ولكن الواقع أعمق من ذلك بكثير ، فمهنة التعليم ليست كأي مهنة أخرى ، ودور المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل هو باني للعقول ومعزز للقيم التي تشكل الهوية الإنسانية السوية ، والروابط الاجتماعية والثقافية ، إن قيم التعليم تتجسد ليس فيما يعطيه المعلم للطالب من معلومات فقط، وإنما فيما يغرسه من قيم، وأخلاق، وروح مسؤولة تجاه الوطن وقيادته والمجتمع وثقافته ، حيث تتجلى مهمة المعلم الشاملة ، في التعليم والتوجيه والتشجيع والتحفيز ، والقدوة الحسنة ، والدعم النفسي والتمكين من التعلم …. أدوار متعددة الأبعاد ، يلتقط من خلالها نبض الطالب ويستجيب لاحتياجاته المتعددة، في ظل قيامه بتهيئة بيئة تعلم آمنة ومحفزة ، وأثر المعلم يتوسع عبر الطلاب، إلى أسرهم، والمجتمع، والسوق والعمل ، والصحة ، وحفظ مقدرات الوطن وتوظيفها ، وتعزيز القيم الوطنية ، والولاء للقيادة ، واكتساب حب الوطن الدفاع عنه بكل شجاعة واقدام ….. وهذا يفوق بكثير المهن الأخرى التي تكون غالبا محدودة بنطاقها الفعلي ، والمعلم يقوم على مهنة التعليم ، التي تعتبر الاستثمار الأكثر ثباتاً في المستقبل، لأنه يُمكّن جيل المستقبل من النجاح في الحياة عموما ويضمن -بعد الله – أن يعيش الجيل بعزة وكرامة في عالم شديد التحولات و التغيرات ، لا يصمد فيه إلا من يمتلك العلم والفكر والإبداع .
كل هذه الأدوار الدقيقة التي يمارسها المعلم بكل احترافية وأمانة وإخلاص ، تعتبر قوة ناعمة لنهضة هذا الوطن وتنمية مقدراته ، فمرحبا ألف بقوتنا الناعمة ، وحكومتنا الرشيدة تقدر للمعلمين هذا الدور العظيم وتعول عليه كثيرا في دعم رؤية 2030 وتحقيق مستهدفاتها .
ولا شك أن دعم المجتمع عموما للتعليم والمعلمين سينعكس مباشرة على قيم الطلاب واهتمامهم بالتعليم وسيأخذون هذه الرسالة كقدوة ويحذون حذوها في سلوكياتهم اليومية ، فالتقدير ليس كلفة إضافية، بل استثمار في جودة التعليم ومخرجاته، وهي رسالة عملية بأن التعليم مسؤولية الجميع ، وتقدير المعلمين جزء مهم من حلقات التطوير والازدهار المدرسي .
نسأل الله أن يوفق المعلمين والمعلمات في أداء رسالتهم السامية ليكون هذا العام الدراسي حافلا بالإنجازات والنجاحات التي تحلق بهذا الوطن العظيم عاليا وفق رؤية بلادنا وطموح قيادتنا .






