يصوغ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مسارًا جديدًا للسعودية، لا يكتفي فيه بإدارة الحاضر، بل يرسم معالم قوة استراتيجية تُعيد صياغة موازين المنطقة، وتبني شبكة تحالفات دولية تضع المملكة في قلب صناعة القرار العالمي. لقد جاء مشروعه كإصلاح شامل يتجاوز التنمية الإدارية، ليكون تصحيحًا تاريخيًا يزيل أقنعة التشدد والفساد، ويفتح أبواب النهضة والانفتاح بثقة وجرأة.
على الصعيد الديني، أعاد سموه الخطاب الإسلامي إلى وسطيته، بعدما واجه تيارات الغلو التي كبّلت التعليم والدعوة. وعلى الصعيد المؤسسي، قاد حملة مكافحة الفساد عام 2017، مؤكّدًا أن “القانون سيطبّق على الجميع”، فاستعادت الدولة مئات المليارات، وعاد للمواطن ثقته بالمال العام.
أمنيًا، لم يقتصر جهده على المواجهة العسكرية للإرهاب، بل شمل تجفيف منابعه الفكرية والتنظيمية، وتوفير بدائل آمنة للشباب، حتى صارت السعودية من أكثر الدول فاعلية في محاربة التطرف. أما المرأة، فقد فُتحت أمامها أبواب القيادة والعمل والسفر، حتى وصفها المنتدى الاقتصادي العالمي بأنها الأسرع تقدمًا في تمكين المرأة بين دول العشرين.
اقتصاديًا، انطلقت برامج التحول الوطني لتقليل الاعتماد على النفط، وتنويع مصادر الدخل عبر قطاعات السياحة، التقنية، الصناعة والترفيه. كما عزز التحول الرقمي كفاءة الخدمات، وجعلها أكثر شفافية.
خارجيًا، استعادت المملكة مكانتها كقوة إقليمية ودولية، من قمة العشرين إلى مبادرات المناخ والطاقة. وبرز هنا الاتفاق الاستراتيجي السعودي–الباكستاني كعلامة فارقة، إذ أسس لشراكة طويلة المدى في مجالات الدفاع، والاستثمار، والطاقة المتجددة، ليعكس عمق الروابط التاريخية ويكرّس حضور السعودية كقوة قادرة على صياغة التوازنات.
تثبت السعودية في عهد محمد بن سلمان أنها تتحرك بثقة كقوة استراتيجية صاعدة، تجمع بين قوة الإصلاح الداخلي وشبكة التحالفات الدولية، لتؤكد أن القيادة ليست إدارة للحاضر فحسب، بل صناعة لمجد لا يرضى بأقل من الريادة.
ا.د عايض محمد الزهراني


