المقالات

عمدة السالك وعيادة المسالك!

في حيّ الزمالك، التقيتُ بأبي مالك، فسألته:
– أين أجد كتاب عمدة السالك وعدة الناسك؟

رفع رأسه ثم أشار إلى المبنى المجاور بثقة:
– هناك!

دخلتُ المكان فإذا به عيادة المسالك!
رحّب بي موظف الاستقبال قائلاً:
– سعدنا بوصالك، الكشف مجانًا علشانك!

أغراني العرض، وقادني الفضول، فسألني مبتسمًا:
– مالك؟
قلت: أبحث عن عمدة السالك وعدة الناسك.
ضحك وقال:
– ادخل اكشف أول… وحتبقى عمدة زمانك!

دخلتُ الغرفة، فإذا بالطبيب يبسمل ويهلل ويسألني:
– مالك؟

قلت مرتبكًا: السالك… المسالك!
بدأ يستفسر:
– كيف حالك؟
كم عدد عيالك؟

نشف دمي، وزاد همّي، فقلت بنبرة هادئة:
– عندك مسالك الناسك؟

ابتسم وقال بثقة لا تخلو من الطرافة:
– عندي أبو المسالك… وحجاوب على سؤالك!

قفّل الستارة، فتح الكمبيوتر وهزّ الماوس، وجده عطلان، فطلب مني شراء بديل.
خرجتُ بسرعة والناس المارّة تطالع فيني بدهشة.
ناداني عمدة الحارة، حضنني بحرارة، ثم همس في أذني.
قلت مبتسمًا: «فال الله ولا فالك!»
فضحك وقال: «صدقني… حتسمع أخبار سارة!»

ومن يومها… نسيت عمدة السالك وعدة الناسك،
وبقيت في الزمالك أبحث عن الفأرة في أزقّة الحارة!.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قصة جميلة ماتعة
    تنفذ إلى القلوب دون استئذان..
    أسلوبها التصويري الساخر وتعابيرها الشفافة الخالية من التعقيد والتكنيكات اللغوية المستثمرة بحرفية وذكاء من السمات الدالة على
    القدرة الفنية العالية التي تتمتع بها أيها الكاتب الأنيق .
    ومن جماليات هذه القصة الطريفة أنّها تكشف للمتلقي جانباً من الأزمات التي يواجهها المثقف في اصطدامه ببعض المفارقات الغريبة المتنافية مع مسلكه التنويري الواضح وضوح الشمس .
    كما إنها تسلط الضوء
    على بعض «الالتباسات اللغوية» التي تنشأ عادة عن الفهوم الخاطئة لمقاصد الكلام في الحوارات التي تدور بين طرف وآخر.
    وتتضمن أيضاً إشارات ذكية لبعض الأطباء
    غير المخلصين بما فيه الكفاية لمهنة الطب الإنسانية في ظل غلبة النزعة المادية علي مناطق الوعي لديهم وتصيدهم لمرتادي عياداتهم من المضطرين بطبيعة الحال..
    كما إنها صوّرت الحيرة التي تستبد بالمثقف أثناء بحثه عن زاده الروحي
    وذلك عندما تختلط المسميات بعضها ببعض .
    وتبقى المعالجة السردية الفكهة في استخدام الجمل القصيرة الموحية آية الآيات في القصة .
    والخلاصة أنك أمتعتنا ورسمت الابتسامة على وجوهنا دون تكلف ولاأصباغ فنية مبالغ فيها لذلك بدت للأنظار كما لو أنها «معزوفة شعرية ساخرة».
    صديق الجمال الإنساني:
    أحييك أحييك إلى مالانهاية
    ونحن في انتظار المزيد من تجلياتك الهادفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى