آراء متعددةالمقالات

هيئة الأدب.. هل تُفرّط في جوهر الثقافة؟

«ضفاف الوعي»

المتأمل في عمل هيئة التراث وهيئة الأدب والنشر والترجمة، يجد تفاوتًا بيّنًا في الطموح وفي الاهتمام بالتراث والتاريخ لدى المكوّنات التابعة لكلٍّ منهما

فـ «هيئة التراث» تبحث يوميًا في كل أرجاء المملكة عن الكنوز التاريخية، وتوفد مراقبين للبحث والتنقيب والتسوير، حتى مرحلة التسجيل في اليونسكو.
بينما «هيئة الأدب والنشر والترجمة» تفرّط – كما يرى كثير من المثقفين – في جوهر الثقافة، ألا وهو الأدب المتمثل في الأندية الأدبية.
ولم يُسمع حتى الآن سببٌ مقنع من الهيئة لهذا التفريط، لا سيما في ظل الدعم الكبير الذي تحظى به وزارة الثقافة من القيادة الرشيدة.

يقول بعض المثقفين: من الظلم تحويل الأندية الأدبية إلى جمعيات!
ويرى بعض أعضاء مجالس الأندية أن تأسيس جمعية يعني شطب النادي، وهذا ما يعزّ عليهم في ظل النهضة التنموية التي تعيشها المملكة في كافة المجالات، ومن بينها قطاع الثقافة.

هذه المقارنة بين الهيئتين ليست تقليلًا من جهد هيئة الأدب والنشر والترجمة، ولا انتقاصًا من أدوارها الحديثة في دعم النشر والترجمة، بل هي دعوة لتوازنٍ في الاهتمام بين التراث المادي والروحي؛ فكما تُعنى هيئة التراث بحفظ الحجر، يجدر بهيئة الأدب أن تحفظ الكلمة، وأن تصون الذاكرة الأدبية التي شكّلت وجدان المثقف السعودي لأكثر من نصف قرن.

منذ فترةٍ والحديث يدور بين المثقفين عن وضع ومستقبل الأندية الأدبية، الذي أصبح يتأزم في نظر البعض، وتدور بشأنه مكاتبات سرّية بين رؤساء الأندية والجهات المعنية لإعادة النظر في القرار الذي يرونه “القشّة التي تقصم تاريخ الأندية”.
فتحويل الأندية الأدبية إلى جمعيات لا ينسجم مع تاريخها وعراقتها وإرثها، ولا مع حجم العمل الذي صُرف عليها خلال الخمسة العقود الماضية.

الأندية الأدبية أُنشئت بأمرٍ ملكي، وساهمت بشكل كبير في النهضة الثقافية بالمملكة، وعلى وزارة الثقافة مسؤولية تطويرها ودعمها بما يتوافق مع رؤية المملكة.
وإذا كان القائمون على هيئة الأدب والنشر والترجمة غير قادرين على دعمها أو الحفاظ عليها، فمن الأفضل أن يترجلوا؛ فاستقالة المجلس أرحم من التفريط في هذا الإرث الكبير.

ولعل من المهم التذكير بوجود توجيهٍ ملكيٍّ سابق بإحالة الشأن الثقافي إلى وزارة الثقافة، ممثلة اليوم في هيئة الأدب والنشر والترجمة، ما يعني أن الأندية جزءٌ أصيل من اختصاصها ومسؤوليتها.

أسئلة للهيئة…

لماذا لا تبحث هيئة الأدب والنشر والترجمة عن حلولٍ بديلة تحافظ على الأندية الأدبية، حتى لو قلّصت ميزانية كل نادٍ، وفتحت باب الاستثمار لها؟
فهناك أندية تمتلك أصولًا متمثلة في مبانٍ وأراضٍ، وهي قادرة على إدارتها وفق الأنظمة المتاحة.

ثم من المستفيد من تحويل الأندية إلى جمعيات؟
وكم ميزانيتها الجديدة؟
وهل المركز الوطني للجمعيات غير الربحية قادرٌ على رعاية الأندية الأدبية وصرف مليون ريال لتلبية تطلعات المثقفين ومواكبة النهضة التنموية في المملكة؟

وأخيرًا… لسان حال أبسط مثقف يقول:
من خلف هذا القرار الذي يعبث بتاريخ الأندية الأدبية؟
أليس فيكم رشيد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى