اختتمت الجمعية التاريخية السعودية – فرع منطقة عسير – أعمال الملتقى العلمي الخامس للجمعية، الذي نُظّم بعنوان: (تهامة عسير في التاريخ والآثار)، برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود، أمير منطقة عسير، وبدعم كريم من سموه، وبحضور واهتمام محافظ محايل عسير الأستاذ محمد بن فلاح القرقاح.
وقد أُقيم هذا الملتقى العلمي التاريخي في محافظة محايل عسير، البلدة التي سابقت الزمن توسعًا وتطورًا وتفاعلًا مع رؤية 2030، بمجتمعٍ حيوي، وحركةٍ اقتصادية، ونهضةٍ عمرانية، وحراكٍ علمي وثقافي جعلها – مع محيطها من تهائم عسير – بلداتٍ نامية ومدنًا مزدهرة رصّعت أصدار وتهائم عسير بجمالها.
احتضنت محايل التراث وأثرت الثقافة، وحافظ أهلها على الأصالة، يفاخرون بتاريخهم ويعتزون بحضارتهم ومكتسباتهم المعاصرة التي يعيشونها في ظل دولتنا المباركة، المملكة العربية السعودية، التي عمّت عطاءاتها ساحة الوطن من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، فتحولت السواحل والتهائم والسروات والبوادي والصحاري إلى مدن وبلدات وقرى تزخر بحياة العصر وروح العراقة.
وفي هذا الملتقى، وُفِّق القائمون على الجمعية التاريخية السعودية في اختيار هذا الموضوع الجدير بالدراسة، لإماطة اللثام عن كنوز الوطن الأثرية والتراثية، وإثراء صفحات سجله التاريخي، واستقطاب نخبة متميزة من المؤرخين والآثاريين والجغرافيين واللغويين والشرعيين، في طرحٍ علمي أتاح المجال للدراسات البينية لإثراء هذا النوع من البحوث.
استعرض الباحثون في خمس جلسات علمية، وعلى مدى يومين، (24) بحثًا تميزت بالجدة والأصالة، وتنوّعت بين الدراسات النظرية والميدانية، وأُثريت بالصور والخرائط وتحديد المواقع ورفع إحداثياتها.
وقد استرعى اهتمامي الشخصي عددٌ من هذه الدراسات الجادة التي لامست التراث المادي والصناعة التراثية، منها:
- بحث الأستاذ الدكتور أحمد الزيلعي الذي تناول فيه عصر السمسم واستخراج زيته، واستعرض أدوات العصر وكيفيته واستخداماته وفوائده الطبية، بخاصة في الموروث التهامي المحلي. ويُعرف زيت السمسم البلدي في هذه المنطقة باسم “السليط”.
- وبحث الأستاذ الدكتور عبدالله الغامدي الذي تناول فيه صنعة البارود والقطران والأصباغ، وبيّن المواد التي تُصنع منها وطرق صناعتها واستخداماتها المتنوعة.
- وبحث الدكتورة سلمى أبو علام عن فن الزيّان، الذي يُعد فن النقش الداخلي للمنازل في رجال ألمع، متحدثة عن أدواته ورسوماته النباتية والهندسية ومدلولاتها، ومؤكدة أنه فن خاص بالنساء في هذه المنطقة.
- كما قدّم الدكتور حسن الشهري بحثًا عن القرى الأثرية في محافظة المجاردة.
لقد طاف بنا هؤلاء الباحثون، ومعهم بقية المشاركين، في رحلةٍ ثرية عبر التراث المادي واللامادي، فأضحت بحوثهم صفحاتٍ وضاءً لتراثنا المحلي، أضاءت ملتقى تهامة عسير بعلمٍ وثقافةٍ ووفاءٍ للمكان والإنسان.
• المشرف على الجمعية التاريخية السعودية – فرع منطقة مكة المكرمة.
• أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة.
