المقالات

الدكاترة زكي مبارك!!

الكاتب والأكاديمي المصري زكي مبارك وُلِد عام 1892م في محافظة المنوفية، والتحق بالأزهر بعد أن تعلّم في كُتّاب القرية القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم.
التحق بعدها بكلية الآداب في الجامعة المصرية، وأكمل دراسته العليا، وتقدّم برسالته للدكتوراه في الآداب بعنوان «الأخلاق عند الغزالي»، ونالها عام 1924م، وكانت أول دكتوراه تمنحها الجامعة المصرية.

سافر بعد ذلك إلى باريس، والتحق بمدرسة اللغات الشرقية في جامعة السوربون، وحصل على الدكتوراه الثانية عام 1931م، وكانت بعنوان «النثر الفني في الربع الرابع الهجري»، ولهذه الرسالة قصة، إذ اختلف مع أساتذته، بمن فيهم مشرفه على الرسالة، وقال قولته الشهيرة حينها: «جئت لأُصحّح أغلاط المستشرقين».

بعد عودته إلى مصر، انشغل في تحضير درجة الدكتوراه الثالثة، وكانت عن التصوف الإسلامي، وأكمل أطروحته ونالها عام 1937م، فأطلق على نفسه بعدها لقب «الدكاترة زكي مبارك» لكثرة الدرجات العلمية التي حصل عليها.

بدأ الكتابة في مجلة الأدب العربي، وخاض عبرها معاركه الأدبية مع معظم الأسماء اللامعة آنذاك، مثل عباس محمود العقاد، والمازني، وسلامة موسى، وأحمد شوقي، ومصطفى صادق الرافعي، وطه حسين، الذي قال عنه:

«إنه الرجل الذي لا يخطو إلى كلمة إلا احتال على رأسه عفريت.»

كان زكي مبارك فارس الكلمة في عصره بلا منازع، يحمل في رأسه كنوزًا من المعرفة القديمة والحديثة، لا يمكن حصرها أو إدراكها. فقد قرأ كثيرًا، وتعلّم كثيرًا، وعرف كثيرًا، ثم كتب كثيرًا؛ كانت حياته قلماً وورقة، كما قالت ابنته الأديبة كريمة زكي مبارك.

وحول مقولة طه حسين، ردّ عليه زكي مبارك قائلًا:

«الرجل الذي لا يخلو إلى قلمه إلا احتال على رأسه عفريت، تلك كلمتك وأنا راضٍ عنها وبها مختال، فما العفريت الذي يحتل رأسي حين أخلو إلى قلمي؟ أيكون هو الحق؟ إن كان كذلك فأنت تشهد لي بالعبقرية. إلا من نصيب يخاصم رجلًا مثلك في سبيل الحق؟ وما المنفعة التي أرجوها من مخاصمتك وأنت رجل يضر وينفع؟»

ويقول زكي مبارك بعد أن تسبب طه حسين في فصله من الجامعة:

«لقد ظن طه حسين أنه انتزع اللقمة من فم أطفالي؛ فليعلم حضرته أن أطفالي لو جاعوا لشويت طه حسين وأطعمتهم لحمه، ولكنهم لن يجوعوا ما دامت الأرزاق بيد الله سبحانه.»

عُرف زكي مبارك بمواقفه المعارضة للإنجليز، وعمل فترة في مصر مفتشًا للمدارس الأجنبية، ثم سافر إلى العراق وعُيّن مدرسًا في دار المعلمين العليا ببغداد، وألقى المحاضرات العامة، وتم تكريمه نظير خدماته الأدبية بحصوله على وسام الرافدين عام 1947م.

ومن مقولاته الشهيرة:

«إنني أعتكف في المكتبة حين أريد أن أتنفس.»

ترك زكي مبارك إرثًا أدبيًا ضخمًا تمثل في العديد من المقالات والدواوين الشعرية ونحو 40 مؤلفًا، منها:
«اللغة والدين والتقاليد»، «البدائع»، «ذكريات باريس»، «ليلى المريضة بالعراق»، «ملامح المجتمع العراقي» وغيرها، وقد نُشر الكثير منها بعد وفاته عام 1952م.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى