المقالات

عبد الله عالم .. وكلمة حق

عضو مجلس الشورى الأسبق

إن منظمة التعاون الإسلامي هي إحدى المنظمات الدولية الهامة والتي تم إنشاؤها لترسيخ التعاون بين الدول الإسلامية تحقيقا لمبدأ الوحدة الإسلامية واستجابة لدعوة التضامن الإسلامي التي تبناها الملك فيصل بن عبدالعزيز طيب الله ثراه وسعى لتحقيقها ودعمها بكل الوسائل وقد مرت المنظمة منذ إنشائها بمراحل عصيبة وواجهت صعوبات متعددة ولكنها تجاوزت كل ذلك وأصبح لها دورها البارز في تنسيق السياسات الإقليمية والدولية بين الدول الإسلامية بفضل الدعم المتواصل من قيادات المملكة المتعاقبة وخاصة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان.

ونظرا لأهمية توثيق الأعمال والإنجازات التي قامت بها المنظمة على مدى تاريخها صدر كتاب “كلمة حق: منظمة التعاون الاسلامي” لمؤلفه سعادة السفير المميز الأستاذ عبدالله بن عبدالرحمن عالم الذي دون شهادته على أعمال المنظمة خلال عشر سنوات قضاها في موقع القيادة خلال توليه إدارة الشؤون السياسية بالمنظمة كأمين عام مساعد للشؤون السياسية وفي مرحلة حساسة إقليميا ودوليا.

وترجع أهمية الكتاب إلى عدة أسباب أولها أن مؤلفه مؤهل تأهيلا عاليا في العلوم السياسية وله خبرة طويلة في العمل الدبلوماسي حيث أمضى خمسين عاما متقلبا في أعمال ومهمات دبلوماسية متعددة وفي دول مختلفة. ثانيها أن المؤلف اعتمد في تأليفه للكتاب على الوثائق الرسمية إضافة إلى مشاهداته ومرئياته لكثير من القضايا التي تتولاها المنظمة ودوَّنها بموضوعية وحيادية تامة وهو الذي يتحدث عن تجربته في العمل الإسلامي المشترك وحرصه في التعامل مع سبع وخمسين دولة إسلامية على تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظمة.

ثالثا: ندرة أو انعدام هذا النوع من الكتب التي توثق لتاريخ المنظمة وأعمالها وإنجازاتها من داخل أروقتها وليس من خارجها حيث دون المؤلف عشرات اللقاءات والاجتماعات التي سبقت إنشاء المنظمة والتي قادت إلى تأسيسها وقيامها بدورها الهام كثاني أكبر منظمة دولية سياسية بعد منظمة الأمم المتحدة. وتجدر الإشارة على أن المتصفح لهذا السفر سيجد بين دفتيه متعة في القراءة ومعلومات مهمة عن قضايا شائكة في العمل الإسلامي المشترك ويوضح الجهود المضنية والمخلصة التي بذلها المؤلف إبان توليه إدارة الشؤون السياسية في المنظمة والإنجازات التي تمت خلال تلك الفترة حيث يتناول الكتاب بالمناقشة والتحليل في إثني عشر فصلا موضوعات تهم الباحثين في عمل المنظمات الإسلامية الحكومية ودورها في تلبية طموحات المسلمين في الوحدة والتعاون والتنسيق الاستراتيجي لتحقيق الأهداف المشتركة فتطرق في البداية إلى الأسس التي قامت عليها المنظمة واستراتيجياتها والأجهزة المتفرعة عنها ومكوناتها التنظيمية والدور السعودي البارز في إنشائها ودعمها بكل الوسائل وقوة الدبلوماسية السعودية. ثم انتقل إلى دور المنظمة عالميا وعلاقتها بالمنظمات الإقليمية والدولية وفي موضع آخر يناقش المؤلف ملفات سياسية هامة مثَّل فيها المنظمة في لقاءات ومؤتمرات ولجان وشارك في حوارات متعددة لمعالجة قضايا رئيسية تهم المسلمين مثل القضية الفلسطينية وقضايا الإرهاب والاسلاموفوبيا ودور المنظمة في القارة الأفريقية والعمل على رعاية الأقليات المسلمة ودعمها والمطالبة بحقوقها ومشكلة جامو وكشمير ومعاناة الروهينقا وغيرها من القضايا. وقد جاءت التحليلات والمناقشات بأسلوب أدبي رفيع وتنم عن ثقافة دبلوماسية عميقة وفكر إسلامي ناضج وإخلاص وتفاني في أداء الواجب مما يجعل الكتاب مرجعا مهما في مجاله يؤكد على نجاح الدبلوماسية السعودية وريادتها في التعاون الإسلامي. هذا غيض من فيض وليس المقام لذكر التفاصيل وحسبنا الالماعة دون الافاضة. جزى الله المؤلف خير الجزاء وبارك في عمله وعمره.

إن نجاح الدبلوماسية السعودية لم يقتصر على دورها في التعاون الإسلامي فحسب بل تجاوز ذلك إلى دورها الفعال على المستوى العالمي وقدرتها على حشد التأييد الدولي للقضايا الإسلامية. واكبر دليل على ذلك ما حدث مؤخرا من اعتراف معظم دول العالم بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة فالحمد لله على توفيقه وتأييده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى