في اليوم العالمي للتطوع 2025، لم تكتفِ المملكة العربية السعودية بالاحتفاء الرمزي، بل قدّمت نموذجًا حيًا لتحول العمل التطوعي من مبادرات فردية إلى منظومة مؤسسية متكاملة، تعكس رؤية وطنية طموحة، وتُترجم أهداف رؤية 2030 إلى واقع ملموس.
مشهد وطني ينبض بالعطاء
شهدت مناطق المملكة هذا الأسبوع حراكًا تطوعيًا لافتًا، حيث نظّمت الجهات الحكومية والجمعيات الأهلية فعاليات متنوعة، أبرزها:
– في الرياض، نظم المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي فعالية كبرى تضمنت جلسات حوارية حول مستقبل التطوع، ومعرضًا شاركت فيه أكثر من ثلاثين جهة.
– في القطيف، عقدت جمعية سيهات لقاءً تنسيقيًا مع اثنتي عشرة جمعية أهلية لتعزيز التكامل ورفع الأثر المجتمعي.
– المديرية العامة للدفاع المدني احتفت بجهود متطوعيها، مستعرضة إنجازات عام 2025 في مجالات الطوارئ والإنقاذ.
– فعاليات متعددة أبرزت أهمية التطوع في تعزيز التلاحم الوطني، وأهمية ترسيخ ثقافة العطاء في الأجيال الجديدة.
من الأرقام إلى الأثر: المملكة تحقق مستهدفات الرؤية قبل أوانها
في إنجاز وطني غير مسبوق، أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن وصول عدد المتطوعين في المملكة إلى مليون ونصف المليون متطوع بنهاية عام 2025، متجاوزًا بذلك مستهدف رؤية السعودية 2030 الذي كان يطمح إلى مليون متطوع فقط. هذا الإنجاز لا يعكس فقط نموًا كميًا، بل يدل على تحول نوعي في بنية العمل التطوعي، حيث أصبح التطوع جزءًا من الهوية الوطنية، ومكوّنًا أساسيًا في معادلة التنمية المستدامة.
ويُعزى هذا التقدم إلى عوامل عدة، أبرزها:
– إطلاق منصة العمل التطوعي التي سهّلت الوصول إلى الفرص وساهمت في توثيق الساعات التطوعية.
– تمكين الشباب والمرأة من قيادة المبادرات المجتمعية.
– دعم القيادة الرشيدة للقطاع غير الربحي، واعتباره شريكًا فاعلًا في التنمية.
– قياس الأثر المجتمعي والاقتصادي للتطوع وربطه بمؤشرات الأداء الوطني.
الإعلام والتطوع: علاقة تحتاج إلى تعميق
رغم التقدم الكبير، لا يزال العمل التطوعي بحاجة إلى ظهور إعلامي أوسع وأعمق. فالإعلام قادر على:
– نقل القصص الملهمة من الميدان إلى الجمهور.
– تحفيز المشاركة المجتمعية من خلال إبراز النماذج الناجحة.
– تعزيز الانتماء الوطني عبر تسليط الضوء على دور التطوع في خدمة الوطن.
نحو مستقبل تطوعي عالمي
إن ما تحقق في السعودية خلال السنوات الأخيرة في مجال العمل التطوعي ليس مجرد إنجاز محلي، بل هو نموذج عالمي قابل للتصدير. فبفضل الله ثم الرؤية، والدعم المؤسسي، وتمكين المجتمع، أصبحت المملكة بيئة حاضنة للتطوع، ومصدر إلهام للدول الأخرى.
في اليوم العالمي للتطوع، لا تحتفل السعودية فقط، بل تُلهم.






