وسط أجواء تعبّر عن عمق الروابط التي جمعت على الدوام بين تونس والمملكة العربية السعودية، احتضنت مدينة القيروان التونسية اليوم الأربعاء 10 ديسمبر مراسم توقيع عقد إنجاز المستشفى الجامعي الملك سلمان بن عبد العزيز، في خطوة تُعدّ من أبرز المشاريع الصحية التي تشهدها الجهة منذ عقود. وقد أشرف وزير الصحة التونسي الدكتور مصطفى الفرجاني على التوقيع، بحضور السفير السعودي بتونس الدكتور عبد العزيز بن علي الصقر، إلى جانب وفود هندسية ومؤسسات مقاولات من البلدين.
بهذا الحدث، يتحول حلم طال انتظاره في القيروان إلى واقع، معلناً انطلاق مرحلة جديدة من التعاون العملي بين البلدين، تتجاوز مستوى الروابط التقليدية إلى شراكة تنموية واضحة المعالم.
المستشفى الجديد، المموّل بالكامل من الصندوق السعودي للتنمية، ليس مجرد منشأة طبية بل هو مبادرة تحمل أبعاداً إنسانية وتنموية في آن. فهو يعكس نهجاً ثابتاً لدى المملكة في دعم المشاريع الحيوية بتونس، ويجسد رؤية قيادتها في تعزيز التعاون الإقليمي الفاعل. ويأتي هذا المشروع تتويجاً لمسار من المساندة السعودية في محطات مفصلية عرفتها البلاد، في توجه يجمع بين المسؤولية الأخلاقية والبعد التنموي.
وزير الصحة أكد أن الأشغال ستنطلق خلال أيام قليلة بعد تسلّم الأرض، وقد أسند التنفيذ إلى شراكة سعودية- تونسية تضمن احترام الجدول الزمني وجودة الإنجاز. وسيمتد هذا الصرح على مساحة تتجاوز 69 ألف متر مربع بطاقة استيعاب تُقدّر بـ320 سريراً، قابلة للتوسعة إلى 500 سرير، مع تجهيزات حديثة تستجيب لأعلى معايير السلامة وجودة الرعاية، خصوصاً في ما يتعلق بالبنية الصحية لما بعد جائحة كوفيد.
المشروع الذي تبلغ كلفته 430 مليون دينار سيُحدث فرقاً حقيقياً في حياة الآلاف من سكان القيروان الذين طالما اضطروا إلى قطع مسافات طويلة للعلاج، وسيُعيد رسم الخريطة الصحية للجهة من خلال توفير اختصاصات كبرى وتقنيات طبية متقدمة.
وخلال كلمته، شدّد السفير السعودي على أن الإرادة موحدة، والإمكانيات جاهزة، وأن المشروع سيُنجز وفق الدراسات المعتمدة وبإيقاع ثابت يضمن استكماله في ظرف 36 شهراً. وأكد أن التعاون بين الرياض وتونس يقوم على الثقة والالتزام والعمل المشترك من أجل نتائج ملموسة.
هذا الصرح الجديد يضيف صفحة مضيئة أخرى إلى سجل العلاقات بين البلدين، ويبرهن مجدداً أنّ المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تعتمد نهج الإنجاز لا الوعود، وتُراهن على المشاريع التي تترك أثراً واضحاً في حياة المواطنين.
إنّ المستشفى الجامعي الملك سلمان بالقيروان ليس مجرد بنية تحتية، بل هو تعبير عن دعم صادق وقرار تنموي استراتيجي، يؤكد أنّ الشراكة التونسية–السعودية قادرة على صناعة الفارق حين تتلاقى الإرادة مع الرؤية والالتزام.










