آراء متعددة

حين يُناقش الذكاء الاصطناعي من مقعد القانون… قراءة في مشاركة وزير التجارة

لم تعد مناقشة الذكاء الاصطناعي شأنًا تقنيًا محضًا، ولا موضوعًا يخص الشركات والمختبرات وحدها، بل باتت اليوم ملفًا حاضرًا على طاولة التشريع وصناعة السياسات العامة.

وهذا ما تعكسه مشاركة وزير التجارة في ورشة عمل دولية رفيعة المستوى، نظّمها المركز الوطني للتنافسية بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، بمشاركة مسؤولين وخبراء من منظمات أممية وجامعات ومؤسسات دولية متخصصة.

الدلالة الأهم في هذا الحضور لا تكمن في طبيعة الورشة أو تنوع المشاركين، بل في زاوية النقاش نفسها؛ فالذكاء الاصطناعي لم يُطرح كأداة تقنية مبهرة أو فرصة تجارية عابرة، بل كقضية قانونية وتنظيمية تمس جوهر التجارة الإلكترونية، والاقتصاد المحلي، والتبادل التجاري الدولي.

حين يُناقَش الذكاء الاصطناعي من مقعد القانون، فهذا يعني أن الدولة لا تنتظر آثار التقنية لتتعامل معها لاحقًا، بل تتقدم خطوة إلى الأمام، وتسعى إلى استباق التحولات بالتنظيم والحوكمة. كما يعني أن التحول الرقمي لم يعد مشروعًا تقنيًا منفصلًا، بل جزءًا من بنية السيادة الاقتصادية وحماية السوق وضمان عدالة المنافسة.

وتكتسب هذه النقاشات أهمية مضاعفة عندما تتم في إطار دولي تشاركي، لأنها تنقل المملكة من موقع المتلقي للمعايير إلى موقع الشريك في صياغتها، وتؤكد أن التجارة الحديثة لم تعد تُدار بالأسواق وحدها، بل تُدار بمنظومات قانونية ذكية توازن بين الابتكار والمسؤولية.

وحين تتحرّك التقنية بسرعة تفوق الأطر النظامية، فإن التشريع المبكر يصبح خط الدفاع الأول لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة للتنمية لا مصدرًا للفوضى، ومسارًا منظمًا لا واقعًا مفروضًا بلا ضابط.

مكة تقرأ

نقرأ معًا من صحيفة مكة الإلكترونية نصوصًا ومقالاتٍ تحمل المعنى، وتفتح النوافذ نحو العقول والقلوب…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى