المقالات

جُدٓدٌ بِيْض

ننعم في بلادنا بنعم لا تعد ولا تحصى ، ونشهد في هذه الأيام روحانية الشهر والتلذذ بالعبادة ، وكالعادة والنظام المتبع تتسابق الفضائيات لتقديم وجباتها للمشاهدين ، وفي خضم كل حدث تغلب عليه الكثرة والزحام ، تتفاوت المواد المقدمة من غث وسمين ، ولا أخفيكم القول بأن المشاهد في الخليج والسعودية تحديدًا لم يعد يكترث بالبرامج ؛ لتطور وعيه ونظرته الحقيقية للحياة ، فمنتجو المسلسلات ومخرجوها استهجنوا الذائقة الخليجية فأصبح التكرار ديدنهم ، ينضاف إلى ذلك دس السم في العسل في كثير من الأحيان ، سعيًا منهم لسلخ المجتمع وتعريته .
ولا يخفى على الكثير بث مسلسل “غرابيب سود” ، الذي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب ، فالجماعة التي تتخذ من سوريا والعراق ملاذًا ومقرًا للتخريب ننكر أعمالها ونشجبها ونحاربها ؛ بل أكثر الدول التي اكتوت بنارها هي بلاد الحرمين التي يتآمر عليها التنظيم ومؤسسوه والذين يدعمونه إقليميًا ودوليًا، فاستغل مايسمى بكتاب المسلسلات تلك الثغرة ، وقاموا بتأليف المسلسل المخجل حقًا لمن يتابعه ، وصوروا الفتاة الخليجية بالشهوانية ، وأضفوا على قادة التنظيم اللهجة الخليجية ؛ بل السعودية بالذات ، وتناسوا مؤسسي التنظيم من الرافضة ومخابرات الأعداء وفلول الأنظمة ، سقط القناع عن القناة المنتجة والمذيعة للمسلسل ، وتكشف مدى حقدها على المجتمع المحافظ .
والدليل الأسمى خروج الأبواق التي تحتقن حقدًا وكراهية للمجتمع ، خرجت طعنًا في منتقدي المسلسل ؛ بل وصل الأمر بأن يصف أحدهم المنتقدين بالبهائم ، وبسقوط قناع الزيف نبشر أنفسنا بمستوى الوعي والرقي في الاختيار ، فكثير من المغردين يرفض رفضًا قاطعًا فكرة انحلال المجتمع ، ويدعو إلى محاسبة القناة والقائمين عليها ، لأنها محسوبة على القنوات السعودية ، ولذلك فالمشاهد تجذرت عنده القناعات بأن السموم التي تبثها القنوات المخادعة ماهي إلّا موانع وحواجز- بفضل من الله – لتحصين المجتمع .
والحقيقة الغائبة عن المشاهد البسيط هي الدلالة الحقيقية لفكرة التنظيم البغيظ ، الذي يدعي -زورًا وبهتانًا- انتمائه للسنة ، وأنه يستقي أفكاره ومناهجه من ابن تيمية -رحمه الله – العالم الذي عرّى الروافض وكشفهم قبل قرون من الزمن ، والهدف الذي يسعى له أعداء الأمة هو عزل النشء عن محيطهم ومرجعيتهم الدينية ، كي يشكلونهم وفق رغباتهم ، فهل نفهم الأخطار التي تحدق بنا خارجيًا وداخليًا ؟؟

د. نايف بن عبدالعزيز الحارثي

د. نايف بن عبدالعزيز الحارثي

أستاذ اللغة العربية المشارك بكلية الملك عبدالله للدفاع الجوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى