المقالات

روبوتات بشرية

الروبوت ببساطة هو آلة يمكن برمجتها بواسطة الحاسب الآلي لتنفيذ سلسلة معقدة من الإجراءات بشكل تلقائي. يمكن توجيه الروبوت بواسطة جهاز تحكم خارجي، كما يمكن دمج عنصر التحكم بداخل الروبوت. تتعدد أشكال الروبوت حسب الهدف منه، والمهمة التي سوف يقوم بها وصنع من أجلها، يؤدي مهامًا متعددة خاصة تلك التي يصعب على (ابن آدم) أداؤها.

و(الإنسان) يختلف عن الآلة فهي (جماد) وهو (كالحيوان) بوجود (الروح) إلا أن الله سبحانه وتعالى كرم (ابن آدم) عن سائر مخلوقاته، وأنعم عليه (بالعقل) وأمره بالتفكر والتدبر واستعمال عقله لتسيير الأمور واتخاذ القرارات، وقد وردت آيات كثيرة في القرآن الكريم يأمر الله فيها (الإنسان) باستخدام عقله للوصول للحقيقة (أفلا يتفكرون)، (أفلا يتدبرون)، (أفلا يعقلون)، لهذا حرم الإسلام كل المسببات التي تذهب العقل لأنها تحول الفرد لكائن آخر. هناك (فئة) ترفض أن تكون من (بنى آدم)! تريد أن تكون هجينا من (الآلة وكائن لديه روح). يرفض هذا الهجين استخدام العقل، ويمكن السيطرة عليه بجهاز تحكم خارجي. هذا الهجين بدأ يغزو حياتنا ويتغلغل في شتى شؤونها، والفضل في ذلك يعود (لفئة) أخرى لديها موهبة الكشف عن هؤلاء الهجين واستخدامهم بما يحقق أهدافهم.

في المجال السياسي، على سبيل المثال، نجد أن أجهزة الاستخبارات تبحث بلا كلل ولا ملل عن شخصيات وجماعات (ميليشيات) طموحها السياسي مرتفع، لا مبادئ عندهم ولا يعرفون حقوقًا، ليس للوطن عندهم قيمة، هدفهم الوصول إلى السلطة، لا يهمهم الثمن حتى لو كان الدهس على أشلاء أجساد (أهل الوطن)، هؤلاء يتم (استقطابهم) ثم (برمجتهم) وبعد أن يتم (نفخهم) إعلاميا في المجتمع يتم تسليم السلطة لهم مقابل السيطرة على البلاد وخيراتها، (يطلقونهم) ليتطاولوا على الدول ولإثارة الفتن معهم و(صناعة) أزمات معها لاستنزاف ثرواتها، كل هذه الأهداف يحققها الذي (يمسك بجهاز التحكم) دون حرب أو استعمار و(عن بُعد).
في الحياة المهنية، نجد أن (بعض) المسؤولين (معالي – سعادة –مكرم…) لديه (قرون استشعار) يرصد من خلالها إمكانيات من هم حوله. يبحث (المسؤول) عن (شيء) بمواصفات خاصة، (نكرة) في مجتمعه (الوزارة – الهيئة- شركة – …)، لديه طموح عالٍ ولكنه بلا موهبة و(أحيانًا بلا شهادات)، لا يرفض القيام بأي مهمة، رهن الإشارة آناء الليل وأطراف النهار، هدفه نيل رضا صاحب السلطة حتى لو كان الثمن (خيانة) صديقًا أو قريبًا. هذا (الشيء) هو الفريسة المحببة التي يبحث عنها المسؤول الكبير! وتبدأ مرحلة (تلميع) ذلك (النكرة) ليصبح فيما بعد (أبو فلان) بينما هو باختصار (روبوت شامل) يتحكم به المسؤول لينقل له أخبار ما يدور في الكيان (وزارة – هيئة – شركة – مؤسسة …الخ)، ويستغله لتصفية حساباته مع الآخرين، بل إن بعض (الروبوتات) يتم تعيينهم خصيصًا في مواقع مختلفة لإسقاط المسؤول في تلك الجهة أو تشويه سمعته أو تعطيل أهدافه مما يعرضه للمساءلة والإقالة أو الإعفاء. ونظير (وفائه لسيده) يتم ترقية (الروبوت الشامل) إلى عدة مناصب، بعضهم قد يصبح مديرًا عامًا أو رئيسًا تنفيذيًا بل إن بعضهم قد يصل لأبعد من ذلك! ثم يصبح (أبو فلان) الواجهة الشخصية للمسؤول فيمرر من خلاله الصفقات والعمولات والرشاوى والامتيازات. أما أخطر أنواع الروبوتات البشرية فهو ذلك (الشيء) المنتسب للإعلام ألا وهو (الروبوت الإعلامي) الذي لا يمكن برمجته إلا بلغة واحدة تحرك (يده ولسانه) ألا وهي لغة المادة من فئة الريال وما فوقه من عملات، خطورته في قلمه أو لسانه، تجده ينتقد شخصًا في الصباح، ويتراجع بلا خجل عن رأيه في المساء لأنه تناول طعام الغذاء مع من انتقده صباحًا. خطورة (الروبوت الإعلامي) أنه يموت وهو يشعر أنه (ابن آدم)، وصاحب رسالة بينما هو في حقيقة الأمر (شيء) يعرف كيف يكتب، ويتحدث ليصنع (الروبوت السياسي) و (الروبوت الشامل) ويضلل الأجيال ويغير الحقائق.

خاتمة
أيها الروبوت: إياك أن تعتقد أن ثروتك أو المكانة التي وصلت إليها قد رفعت قدرك عندنا (نحن بني آدم)، أنت مجرد مطية لأسيادك، سيلفظونك إذا حققت أهدافهم، إما باغتيالك أو كشف فسادك أو منعك من الاقتراب من سور السفارة! ثق تمامًا بأنه سيأتي دورك في السقوط يومًا ما، وغدًا سوف يسقط من يمسك بطوقك؛ لأنها لا تدوم لأحد أبدًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com