من منا لم يتعرض لموقف محرج بسبب البقشيش؟ فالبقشيش لغة عالمية صامتة يفهمها الجميع، حيث يعود أصل ثقافة البقشيش إلى أوروبا في القرن السابع عشر، وكان يُمنح كنوع من المكافأة للخدم مقابل تقديم خدمة جيدة. ثم انتشرت هذه العادة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، وتعددت طرق وفنون البقشيش حتى وصلنا اليوم إلى تقديمه إلكترونيًا!
ذهبتُ إلى تركيا للسياحة، ووجدت أن البقشيش أصبح ثقافة شبه إلزامية في جميع الأماكن، مما تطلّب مني وضع بعض “الفكّات” بجانبي على الدوام، لأنه من المحرج ألّا تقدمه للنادل أو المتخصص بركن السيارة.
نحنُ في المملكة لم نعتد على ذلك بشكل إلزامي، لكن انتشرت مؤخرًا في بعض المطاعم السعودية ثقافة ما يسمى بالبقشيش الإضافي على الفاتورة الإلكترونية. وتُعتبر الإكراميات، أو ما يُعرف بـ”البقشيش”، من العادات المتعارف عليها في العديد من المطاعم حول العالم، وهي تعبير عن تقدير الزبون لجودة الخدمة المقدمة من قِبل العاملين في المطعم، وخاصةً النادلين. وتختلف نسبة الإكرامية من مكان لآخر وحسب الثقافة، وتتراوح عادةً بين 10% إلى 20% من قيمة الفاتورة.
وقد نرى أن بعض المطاعم لدينا بدأت تفرضها بشكل إجباري، مما لا يدع للزبون مجالًا للرفض، وهو ما يؤدي إلى تمكين هذه العادة وجعلها أمرًا أساسيًا لا يمكن التنصل منه. وقد اختلفت الآراء بين الرفض والقبول لمثل هذه الثقافات، وقد يؤدي ذلك إلى التأثير المباشر على الظروف الاقتصادية لكل عميل أو مواقفه الشخصية. فالإكراميات لا تخدم في المقام الأول إلا صاحب العمل، وربما يصل الأمر مستقبلًا – على حد ظني – إلى أن يقوم الزبون بدفع جزء كبير من رواتب العاملين بدلًا عن صاحب العمل! وهذه الثقافة غير منصفة للزبون، حيث إنه يتكبد خسائر مادية بمجرد أن يفكّر في دعوة عائلته أو أحد أصدقائه إلى مأدبة عشاء خارج المنزل.
عزيزي صاحب المطعم الفاخر، لا تجبر زبائنك على تقبل مثل هذه الثقافة بوضعها ضمن الفاتورة وكأنها زيادة من نوعٍ ما أشبه بالضرائب.
ويبقى السؤال لدينا: هل سنؤيد مستقبلًا أصحاب المطاعم بفكرة الفاتورة الإلكترونية وما تحمله من إكراميات إلزامية، أم سيتم رفضها ودحضها مجتمعيًا
