المقالات

المملكة العربية السعودية.. مقرّر إقليمي وفاعل دولي

المملكة العربية السعودية، بقيادتها الرشيدة، واتباعها سياسة الواقعية بعيدًا عن الدعائية والشعبوية، وبفهمها العميق لواقع العولمة والتقدّم التقني ومتغيرات السياسة العالمية، ويقينها بأنه لا طائل من دوام النزاعات والحروب، استطاعت أن:

١- تعيد قولبة الإقليم ومظهر المنطقة والبيئة المحيطة، فأرست توجهًا جديدًا، ورسّخت قناعة عامة بأن العصر هو عصر السلم والبناء لا الحروب والدمار، وأن الاهتمام بالإنسان واستقراره يتقدم على باقي الاهتمامات، وذلك عبر إطلاق مشروع التنمية الشاملة خدمةً لهذا التوجه.

٢- وبذلك، فرضت نفسها محورًا أساسيًا ومقررًا إقليميًا ومؤثرًا عالميًا، بسعيها ثم إظهارها فشل توجهات المحور المناهض القائم على الحروب والنزاعات، خدمةً لأنظمة عقائدية شمولية لا تبتغي صالح الإنسان ولا قضايا الأمم والشعوب، بل تمتطيها وتستعملها وقودًا لأجل مشاريعها الهدامة القائمة على دوام الفوضى وتعميم الجهل واللا استقرار.

٣- وإزاء إفشالها لتوجه الآخرين، ظهر صدق توجهها وصواب خيارها. ولتدعيم ذلك، ونظرًا لما قد يحمله المستقبل من تقلبات وانعطافات، لجأت القيادة السعودية إلى:

أ) بناء القوة العسكرية بأحدث التقنيات المتقدمة وذات الدقة العالية، وتكوين ترسانة متنوعة هائلة لكافة أنماط السلاح؛ وأبرمت عقود تسلح وتصنيع ذات صلة عديدة ومختلفة. وقد سجل معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI)، وهو مرجع عالمي موثوق، أن السعودية قد احتلت المرتبة الأولى عالميًا لعدة أعوام متتالية منذ ٢٠١٤ في استيراد السلاح.

ب) أرست ميزان القوة، لكنها بالمقابل، وكأولوية متقدمة، اختارت توجه السلام القائم على النضال لأجل الحقوق العربية بالقانون الدولي، والعلاقات الدولية القوية، والدبلوماسية العنيدة الصلبة، وتضييق خيارات الخصوم.

٤- هناك ما يسمى (الإمكانات والاستخدامات)، فكم من دول لديها الإمكانيات لكنها أخطأت في استخداماتها؟ السعودية عرفت كيف توظف إمكاناتها في استخداماتها الصحيحة وفي ظرفها الصحيح، وهذه أبرز ميزات القيادة وممارسة القيادة. ليس الأمر فقط في استخدامات ثروات الطاقة، بل كذلك في مصادر كثيرة أخرى معدنية وأولية وأثرية واستثمارية وسياحية وطاقات كامنة؛ إنما الأهم: الطاقة البشرية، والرجل المناسب في المكان المناسب، والشفافية والمساءلة والثواب والعقاب، ثم وفي طليعة كل شيء: الرؤية ورسم الهدف الكبير والسياسات العامة والاستراتيجيات والتطبيقات السليمة.

٥- رغم التحديات والخطر الدائم المحيق، وتوجهات السياسة الخارجية الأميركية خلال الفترة (الأوباماوية) وامتداداتها عبر بايدن، التي فضّلت إيران على العرب وشرعت لها الساحات لتنشر الفوضى والفقر والجهل، لتشاغل الساحات العربية خدمة لأمن إسرائيل كثابتة أساسية في كل عهود الإدارات الأميركية.. استطاعت السعودية أن:

أ) تكسر هذا التوجه الأميركي وتثبت عقمه وعبثيته، وتبيّن كيف أن تغييب العرب وهذه الاستباحة لإيران يشجعها على التمادي وتهديد المصالح الإقليمية والدولية وحتى الأميركية. وهذا ما حدا بها لتجاوز حدود الدور المسموح، فكانت أحداث ٧ أكتوبر بهدف أن تعود إيران كإمبراطورية فارسية ومقررًا أول في الشرق الأوسط، وليس أبدًا لأجل فلسطين، مهددة أمن المنطقة القومي برمته وأهمه الأمن الوجودي لإسرائيل ربيبة أميركا.

ب) دون أن تطلق السعودية ودول الخليج والعرب جميعًا طلقة واحدة، جعلت الأعداء يتخبطون ببعضهم و«ضرب الظالمين بالظالمين»، فتحرر لبنان وسوريا والعراق واليمن على الطريق ذاته، ليعودوا إلى حضنهم العربي وبيئتهم العربية الطبيعية وليس الإيرانية، خلافًا للطبيعة.. وكل ذلك بقيادة حكيمة هادئة من ⁧#مملكة_الخير⁩.

٦- ترامب القادم الجديد وعقيدته التي أعلنها: (فرض السلام بالقوة)، بدا أنه يؤسس وينسجم مع رؤية المملكة وتوجهها وخيارها السليم، وقد ثبتت مصداقيتها للعيان.

٧- بعد كل القتل والهدم والدم والدموع دون طائل، عاد الجميع وقد تبين لهم أن ما كانت تخططه المملكة دون نقطة دم، بمبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية) وفقًا لمبادرة الأرض مقابل السلام (بيروت ٢٠٠٢)، هو الخيار الأصح، وقد كان قاب قوسين أو أدنى. جاءت ٧ أكتوبر لتنسفه، لكنه عاد الآن ليحيا من جديد بفضل المملكة، وقد ثبت فشل خيارات الآخرين.

٨- وبذلك، بفضل المملكة وصوابية رؤيتها، وبضغطها الناجع المثمر على الدول العالمية الفاعلة، خاب مسعى إيران وكيدها، و«مُرّغ أنف نتنياهو» الذي يعيش على الحرب وأُجبر على وقف إطلاق النار. ولولا المملكة لما استطعنا انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة في لبنان من خارج طاقم الفساد والخراب.

٩- ولا ننسى: لولا المملكة، لكانت تركيا وغيرها قد أكلوا سوريا بعد تحررها، فهرعت شقيقتها إليها لتنجدها.

… والعمل جارٍ والفضل مستمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى