المقالات

كثيرون في حياتنا ينقصهم الوفاء !

عندما تحترم شخصًا ما فتعطيه جلَّ اهتمامك، فتكون كظله لا تنفصل عنه إلا فيما ندر، وتبادله أفراحه وأتراحه، وتعينه على نوائب الدهر وتقلباته، وتشعر أنك جزء منه وهو جزء منك، وعندما يبادلك نفس المشاعر تقتنع أنك سلكت الطريق الصحيح، ولا تحس بالندم ولو للحظة في حياتك على كل ما قدمته له.

وعلى النقيض تمامًا، تجد شخصًا آخر كل ما تقدمه له لا يستحقه، فطبيعته الغدر، لا يهمه إلا نفسه، طغى عليه الأنا، يبحث عن كل ما يستفيده منك فقط، ولا تجده عند الحاجة، خائنًا للأمانة، مستعدًا أن يضحي بك عند أول هفوة، لا يحترم مشاعرك ويعتقد أنك بليد الإحساس فلا تتألم مما يفعله. هذه الشخصية التي تربت على الأنا لا تكترث بالأخطاء التي تقع فيها.

وفي اعتقادي أن الكثيرين مروا بمثل هذه الحالة، فمنهم من اقتصَّ من غريمه، ومنهم من فكَّر كثيرًا قبل أن يُقدم على ذلك، لأنه يعلم أن الضرر قد يصل إلى غيره من الأقارب والأصدقاء. وقد قيل في الوفاء إنه صفة خلقية قلَّما تجد من يتصف بها، فإذا ساق القدر إليك شخصًا يتصف بها فلا تتخلَّ عنه، واحرص على أن يكون في أقرب موضع عندك.

والأوفياء ثابتون على مبدأ الحق، وهم كالجبال مهما طال الزمان بهم لا يتغيرون، فالمواقف تبيِّن معدن الرجال وتكشف من معك ومن ضدك. وقد قال الإمام الشافعي: الوفاء لغة القلوب الصادقة التي تتحدث بصدق وتعكس النبل والأخلاق العالية. وقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جُنَّة أوقى منه، وما يغدر من علِم كيف المرجع.

ومن الشعر الفصيح، يقول الشاعر:

وكم تغافلت عن أشياء أعرفها
وكم تجاهلت قولًا كان يؤذيني

وكم أقابل شخصًا من ملامحه
أدري يقينًا وحقًا لا يُدانيني

وكم تغاضيت لا جبنًا ولا خورًا
هي المروءة من طبعي ومن ديني

جازيت بالطيب كل الناس مجتهدًا
لعل ربي عن طيبي سيجزيني

وأمام هذا كله، فإن على كل منا مسؤولية محاسبة نفسه على ما مضى، والعودة إلى الطريق الصحيح قبل أن يصبح منبوذًا بين الناس، وعندها لن يستطيع إصلاح ما فسد نتيجة اتباع النفس الأمارة بالسوء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى