المقالات

سقوط الأوراق

جاء الخريف كالمعتاد.
تغير لون الأشجار الأخضراء.
وبدأت الأوراق تتساقط تتساقط تباعا، البعض ربما لاحض ذلك وآخرون ربما مرّ عليهم مرور الكرام.

الغالبية لم تبحث عن سبب أو أسباب ذلك ، ولم يمثل مثل هذا الحدث عندهم شيء ، ملفت فهي عادة طبيعية تمر كل عام ، فهي أمر عادي ومعتاد عليه.

فنظام الحياة وقانونها يقول ما لا فائدة منه يرمى ولا مأسوفا عليه.
لكن العلماء والباحثين لم يمرروا الأمر كما مرره غيرهم ، بل بحثت أمور كثيرة وعبر السنين لمعرفة سر ذلك الأمر ، وكيف يحدث؟

أوراق تتساقط عادي ، وستعود العام القادم، وما ذهب سيأتي غيره ، ملاحظات للباحثين تنتهي بمعرفة عوامل كثيرة ، ونظام كوني عظيم يرتب هذه الظاهرة ( تساقط الأوراق ).

لهذا سأحاول تبسيط العملية ، وتسهيل هذا النظام الإلاهي العظيم ليسهل فهمه ، وليعتبر أولي الألباب أن الأمر ليس مجرد سقوط ورقة.

مثل هذه الأيام نلاحظ الرياح الجافة المزعجة منتصف النهار خاصة ، وهي حكمة من الله عزّ وجل ، مرسلة بأمره لتقوم بمهمة ليست السهلة ، ولو اجتمع عليها الكثير من البشر لما استطاعوا القيام بدور الرياح هذه.

فالرياح مع استمرارها اليومي ولأشهر ، تعمل على تجفيف الأوراق النباتية ، وتعمل لها حركة ميكانيكية دائمة حتى تسقط تلك الأوراق وبرضا الشجرة نفسها ورغبة منها.

يتسأل شخص كيف ترضى الشجرة بالتخلي عن مصنع غذائها الذي بتلك الورقة؟

بجانب الرياح المسخرة بأمره تعالى ، هناك عامل آخر يدخل في عملية إسقاط الورقة ، وهو عامل فلكي وتدخل علم الفلك في عملية تخلي الأشجار عن أوراقها ذات المصانع الغذائية.

نحن نعرف أن النبات ذاتي التغذية ، أي أنه يصنع غذائه بنفسه ، لكن لا غنا له عن عوامل أو عناصر تساعد في صنع الغذاء ، فأصغر مصنع في الكون هو في ورقة النبات ، داخل الخلية التي البلايين منها تكون جزء يسير من الورقة ، فما بالك بكامل الورقة بل الشجرة بأكملها.

هذا المصنع يسمى بالبلاستيدة وجمعها بلاستيدات خضراء أو الملونة المنتجة لمادة اليخضور ( الكلوروفيل ) وهو العامل المهم في أن تصنع النبتة غذائها بنفسها ، ولا يمكن أن تتم عملية صنع الغذاء بدونه.

يعتمد وجود اليخضور على عامل فلكي مهم وهو ضوء الشمس ليس هو فقط بل على مدة الإستضاءة التي تحصل عليها الورقة.

فقد وجد العلماء أن مدة زمن الاضاءة عندما يقل يوميا حتى يصل لأقل من 12 ساعة تقريبا يوميا يبدأ اليخضور في التلاشي داخل البلاستيدات ، وتبعا لذلك يبدأ هذا المصنع في الإقلال من انتاجه ، حتى يتوقف تماما عن انتاج الغذاء ، ويبدأ تحول لون الورقة من اللون الأخضر الى اللون البني ، وتصبح الورقة عالة على الشجرة ، بل جهاز لتبخير ماء الشجرة في الهواء المحيط ، وهي أي الشجرة في حاجة له مع بقية العناصر المخزنة بأنسجتها.

من هنا تبدأ الشجرة في عمل الحواجز بين فروعها وأعناق الأوراق ، ليضعف ارتباط الورقة بالفرع وليسهل على الرياح اسقط الورقة ، وتخلص الشجرة منها ، لتبقى عصارة الشجرة المائية داخل ساق وفروع الشجرة ، وتبقى رطبة لينة وتستمر حياتها.

لهذا نجد الأشجار متساقطة الأوراق لا تسقى بعد سقوط جميع أوراقها، لأن الشجرة لن تمتص الماء ولا تستطيع رفعه للأعلى في الساق والفروع.

وعندما تزيد فترة الاستضاءة عن الحد المثبط لليخضور ، تبدأ البراعم في التفتح ، ومجيء الوريقات ثم مادة اليخضور ، لتبدأ عملية صنع الغذاء من جديد ، بل ليبدأ المصنع من جديد للعمل ، وإنتاج الغذاء للنبتة ونموها ، وعودة نشاطها من جديد ، من إزهار ثم إثمار وإنتاج لخدمة الانسان.

كل هذه العملية لخدمتك أخي الانسان ، فهل عملت للهدف الذي خلقك الله من آجله ؟

﴿وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ﴾ [الذاريات: 56]

عبدالملك محمد ابن عميرة الذويبي

باحث في علم الفلك والتقويم الزراعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى