بين دوي الصواريخ وصوت الانفجارات في غزة، يعلو صوتٌ آخر قادم من الرياض، يحمل رسالة مختلفة: لا سبيل إلى الاستقرار إلا عبر السلام العادل، ولا قيمة لأي مبادرة ما لم تصن كرامة الإنسان الفلسطيني وحقه في الحياة.
اليوم، وبينما تتداول الأوساط السياسية خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة، وتعلن حركة حماس قبولها الجزئي بها، يظهر الدور السعودي كعامل حاسم في موازنة المشهد: دعم الجهود الدولية من جهة، والتأكيد على الثوابت الفلسطينية من جهة أخرى.
منذ بداية التصعيد، شددت المملكة على أن الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار هو أولوية قصوى، معتبرةً أن استمرار العمليات ضد المدنيين لا يمكن أن يُبرَّر تحت أي ذريعة. وفي الأمم المتحدة، حمَل وزير الخارجية السعودي هذا الموقف إلى العالم، مطالبًا بإنهاء ما وصفه بـ “الإبادة الجماعية” في غزة.
ما يميز التحرك السعودي أنه لم يقتصر على الخطاب، بل امتد إلى دبلوماسية نشطة خلف الكواليس: تنسيق عربي وإسلامي لتشكيل جبهة موحدة، دعم وساطات مصر وقطر، وإضافة ثقل سياسي واقتصادي يجعل الموقف العربي أكثر تأثيرًا. كما تمسكت المملكة بوضوح بمبدأ حل الدولتين، معتبرةً أنه الطريق الوحيد لإنهاء دوامة العنف.
ورغم الترحيب بالخطة الأميركية، وضعت الرياض خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها: لا تهجير للفلسطينيين، لا مساس بحقوقهم التاريخية، ولا اتفاق بلا ضمانات دولية صارمة.
وفي لحظة تتشابك فيها الحسابات الدولية والإقليمية، تقدم السعودية نفسها كصوت للعقل والاتزان، رافضة منطق القوة ومؤمنة بأن الحلول المستدامة تُبنى على العدل لا على التفوق العسكري.
وفي ظل قبول حماس المبدئي ببنود الخطة، يبقى السؤال: هل ستلتقط إسرائيل هذه اللحظة التاريخية لتوقف نزيف الدم وتمنح الأمل لشعبٍ محاصر منذ سنوات؟
ما هو مؤكد أن التحرك السعودي سيبقى حجر الزاوية في أي تسوية، وأن صوت الرياض سيظل حاضرًا حين يبحث العالم عن نهاية عادلة لهذه المأساة.





