في عام 1975م، كان الأمريكي من ذوي البشرة السوداء “ريكي جاكسون” شاباً لا يتجاوز عمره 18 عاماً، يعيش مع والديه في أحد أحياء مدينة كليفلند الفقيرة بولاية أوهايو الأمريكية، وكان معروفاً بين أفراد الحي بالهدوء والانضباط وحبه لعائلته وجيرانه.
انقلبت حياة ريكي جاكسون رأساً على عقب بعد أن وُجّهت إليه تهمة قتل أحد أصحاب المحال التجارية في مدينة كليفلند خلال عملية سطو مسلح على محله. لم تكن هناك أدلة مادية كافية تدينه؛ فلا سلاح، ولا بصمات، ولا شهود على الحادثة، باستثناء طفل لم يتجاوز عمره 12 عاماً يُدعى “إيدي فيرنون”، قال لشرطة المدينة إنه رأى المتهم ريكي جاكسون وهو يطلق النار على صاحب المتجر.
وبناءً على شهادة الطفل “إيدي فيرنون”، حُكم على ريكي جاكسون بالإعدام. وعندما نطق القاضي بالحكم، سقط ريكي مغشياً عليه من هول الصدمة، إذ كان آنذاك لا يزال في ريعان شبابه؛ لم يدخل الجامعة، ولم يتزوج، ولم يبدأ حياته العملية. ومع ذلك، أودع السجن انتظاراً لتنفيذ حكم الإعدام.
وفي فترة لاحقة، أُعيدت محاكمته وتم نقض الحكم بسبب خطأ في مستندات القضية، ما أدى إلى تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد. وظل ينتقل من سجن لآخر، ويصارع الزمن والوحدة لمدة تساوي 39 سنة، أي أكثر من 14 ألف يوم خلف القضبان بلا أي ذنب اقترفه.
وفي عام 2011م، وبعد مرور نحو 39 عاماً من السجن والوحدة والعذاب، جاء الفرج عندما تراجع الطفل “إيدي فيرنون” – الذي تسبب في سجنه – عن أقواله، وقال للسلطات إنه لم يشاهد الجريمة مطلقاً. وكان وقتها قد بلغ 53 عاماً. حضر إلى المحكمة واعترف أمام القاضي أنه لم يرَ ريكي يطلق النار على صاحب المتجر. وبذلك بُرّئ جاكسون. ووفقًا لمركز المعلومات الأمريكي حول عقوبة الإعدام، فإن ريكي هو الشخص رقم 148 الذي يبرّئه القضاء بعد الحكم عليه بالإعدام منذ عام 1973م.
قال ريكي جاكسون لدى خروجه من المحكمة بعد تبرئته إنه لا يشعر بأي ضغينة تجاه شاهد الزور الذي ضيّع حياته في السجن، مضيفاً: “الناس ينظرون إليه اليوم كرجل راشد، لكنه حين فعل ذلك كان طفلاً، استجاب لضغوط الشرطة التي كانت تريد زجّنا في السجن”.
وعندما سُئل عن كيفية محافظته على معنوياته رغم السنين الطويلة التي قضاها في الزنزانة، قال: “إذا كنت تعرف أنك بريء، فعليك أن تواصل النضال”.
بعدها قامت سلطات ولاية أوهايو بالإفراج عن ريكي جاكسون بعد حوالي 39 سنة قضاها في السجن بسبب جريمة لم يرتكبها، ليصبح بذلك السجين الأمريكي الذي قضى أطول مدة حبس ظلمًا في التاريخ.


