لم يعد بوليفارد وورلد مجرد فعالية ترفيهية موسمية بل تحوّل إلى مشهد حضاري يُجسد كيف تخاطب الرياض العالم بلغة المدينة الحديثة هنا لا تُعرض الثقافات بوصفها ديكورًا عابراً بل كحوار مفتوح يعكس وعيًا اجتماعيًا جديدًا ترى فيه المدينة نفسها بعيون العالم ويقرأها العالم بعيونها.
في هذا الفضاء لا يزور الزائر مكانًا بقدر ما يعيش تجربة. تجربة تُعيد تعريف علاقة الإنسان بمدينته وتحوّل الترفيه من رفاهية إلى جزء من جودة الحياة ومن حدث استثنائي إلى ممارسة يومية تُغذي الروح كما تُنعش المكان.
اللافت في بوليفارد وورلد ليس كثرة التفاصيل بل انسجامها حيث تتقاطع الموسيقى مع الألوان وتتجاور الثقافات دون تصادم وتتحوّل اللحظة العابرة إلى ذاكرة مدنية مشتركة وهنا يبدو المواطن محور المشهد قبل السائح وكأن الرسالة موجّهة أولًا إلى الداخل: نحن نبني مدنًا تُعاش لا تُستعمل.
بوليفارد وورلد في جوهره ليس مشروعًا ترفيهيًا فحسب بل تمرين اجتماعي على مستقبل مختلف تدار فيه المدن بعين الإنسان قبل الخرائط وتُصاغ فيه السياسات بلغة الجمال لا بلغة الأرقام وحدها.
وفي سياق أوسع تكشف التجربة عن ملامح الرياض الجديدة مدينة تطرق أبواب العالم بثقة وتستضيف الثقافات دون أن تفقد ملامحها وتنفتح دون أن تتلاشى كأنها تقول بهدوء الهوية القوية لا تخشى الحوار بل تصنعه.
هكذا لا يعود بوليفارد وورلد مساحة ترفيه بل مرآة لتحوّل أعمق.
تحوّلٍ يجعل من المكان رسالة ومن التفاصيل خطابًا ومن المدينة لغة تُقرأ قبل أن تُفسَّر.





