ولكن مصيبتنا اليوم تكمن في أن أصبح بعضنا هوامير بل مصاصي دماء لا فائدة ترجى منهم اللهم إلا التهام كل شيء يقف أمامهم وهم أشبه ما يكونون بالنيران تلتهم الأخضر واليابس ولا تترك شيئاً أمامها إلا وقد قضت عليه وأحرقته.
وباتت أفكار أولئك الهوامير مشغولة في سؤال واحد يدور في أذهانهم الضحلة وهو : كيف نجمع المال وما هي الوسيلة السريعة للكسب المادي – فإن كان ذلك بالنصب والاحتيال فلا بأس وإن كانت بالحرب والتدمير فلا بأس أيضاً قتل الآلاف من أجل جمع الثروة – المهم أن تكون المحصلة النهائية هي جمع كنوز قارون , فلا فرق لدى مثل هذا الهامور بين حلال أو حرام لأنه يرى من خلال منظاره القاتم أن المال فوق كل شيء ولا شيء فوق المال – كما أن مثل هذا الشخص حسب حكمته القائلة أن دولار ينطح دولاراً لينجب يناً يابانياً يرى أن شراء صاروخ لتدمير قرية والاستيلاء على ما فيها لهو أفضل من بناء مركز صحي لأهل تلك القرية الضحية! .
ومن المآسي أن يعيش بين ظهرانينا أناساً جل أهدافهم وأحلامهم في هذه الحياة الفانية هي جمع المال وجني أكبر كمية منه وكل ثقافتهم ومفاهيمهم وتعاملهم بالمال- فنجده مشغولاً من رأسه إلى مهراسه بالبورصات ومتابعة سوق الأسهم والنفط والذهب والفضة لدرجة الإدمان عليها– ولا يقتنع هذا الهامور البشري بذلك بل إن أستطاع فلا بأس أن يضع يده على الأراضي البيضاء وأموال الأرامل والأيتام لكي يشبع نهمه في جمع الثروات وكنزها وقد سخر حياته لتعاسة الآخرين ومحاربتهم وهو يدرك بأنه سيغادر هذه الدنيا في أي لحظة وقد ترك خلفه ثرواته الطائلة التي جمعها ليصبح نصيبه ذلك القبر الموحش الذي سيضم رفاته وسط سخط الجميع ! .
إنها نوعية من البشر – تستفيد ولا تفيد – تأخذ ولا تعطي – تضر ولا تنفع – تمتص ولا تضخ – تسرق ولا تمنح .. ولا تقدم شيئاً للوطن ولا تشارك في جهود التنمية أو القضاء على البطالة أو أدنى جهد يفيد الإنسانية – وحرام أن نطلق عليهم مسمى(هوامير) لأن الهامور لو علم ونطق لقدم شكوى رسمية للمنظمات الدولية وتبرأ من أفعال هذه الفئة وعلى الأقل فإننا نستفيد من الهامور بالتهامه في موائدنا- ولكن الأصح أن نطلق عليهم مسمى( الفك المفترس), وأستر يا رب ! .[/JUSTIFY]
