المقالات

حين يتكلم الحق يصمت الضجيج

يخرج الفحش من اللسان حين تمرض القلوب ويتعاظم الغل في الصدور فيتبدّى في بذاءة القول وسوء المنطق وضحالة التفكير ويكشف عن نفوسٍ غاب عنها النور وأقامت في الظلمة يقول تعالى: ﴿ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيد﴾؛ فتشهد الكلمة على قائلها وتشهد النيّة على جوهره ومن اتخذ من السباب والتجريح منهجًا إنما يُظهر ما امتلأت به نفسه من خواء وفراغ ويتمادى في التطاول على بلاد التوحيد وخدمة الحرمين الشريفين من وراء البحار مستظلًا ببلاد فقدت قيمها وضاعت عنها الحقيقة بينما يمضي هذا الوطن بعزيمة ويثبت بفضل الله وقيادته الراشدة ويؤسس لمستقبلٍ تُشيّده الرؤية المباركة بعملٍ هادئ ونورٍ ساطع لا تطفئه أصوات الحاقدين

وتبدو الفئة المأزومة التي جعلت من “المعارضة” شعارًا أنموذجًا لمن ينفر من الحق ولا يحسن النظر في حجته قال تعالى: ﴿وإذا قيل له اتقِ الله أخذته العزّة بالإثم﴾ فتُغلق قلوبهم عن البصيرة وتظل أسيرة أهوائها تركض خلف أوهام لا تقوم على حجة ولا تستند إلى مشروع سوى الضجيج والصياح وقد قال النبي ﷺ: «إن العبد ليتكلم بالكلمة لا يُلقي لها بالًا تهوي به في النار سبعين خريفًا» فهي شهادة على خطورة اللسان ووزن الكلمة ومكانة العقل المسؤول

من يتأمل الواقع يوقن أن الألفاظ ليست سلاحًا يُشهر في وجه وطنٍ آمنٍ يحمي عقيدته ويذود عن حرميه ويقيم نهضته بل هي أمانة ومناط صدق ووعد رباني يمضي بنور الهداية قال تعالى: ﴿والله متمّ نوره ولو كره الكافرون﴾ وهكذا يظل الحق ثابتًا كما وصفه القرآن: ﴿فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض﴾ فالحق يبقى والباطل يضمحل والجوهر يعيش والزبد يختفي

أمّا أصوات الجهالة فتمضي في هرائها بلا أثر يذكر لأنها بلا علم ولا رؤية ولا مشروع سوى التحريض والإساءة وقد جاء في الحديث: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» وهي وصية نبوية تدعو إلى التعالي عن سفاهة الخطاب والارتقاء إلى مقام الحكمة والسكينة

تمضي الرؤية اليوم قوية متّزنة يُشيّدها العمل وتوثّقها الإنجازات وتبقى بلاد الحرمين شامخةً بولاة أمرها وشعبها لا يوقف مسيرتها ضجيج ولا يضرها نعيق فالسفينة تتقدم بإذن الله والنور ينتشر والباطل يتبدد وما يستند إلى الحق يبقى وما يقوم على الوهم ينهار هكذا يتكلم الحق فيصمت الضجيج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى