المقالاتعام

المهرجان السينمائي الطلابي…منصة تكشف ملامح السينما السعودية القادمة

مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية بجامعة الملك عبد العزيز، فعالية كبرى تقيمها الجامعة عبر كلية الاتصال والإعلام شارك فيه طلاب الكلية لعرض مشاريعهم وإبداعاتهم ومنتجاتهم الفنية لارتباطها بالتخصص. وذلك عبر هذا الاحتفال الأكاديمي التطبيقي لإبراز مهارات الطلاب في مجالات تخصصاتهم حيث تحول الدراسة من كتاب ومحاضرة إلى ممارسة وإنتاج وعرض أمام الجمهور. ويأتي هذا المهرجان ضمن المهرجانات الجامعية المختلفة مهرجانات الهندسة والتقنية، الفنون والتصاميم، العلوم والبحث العلمي، الطب والصحة، الأعمال والاقتصاد، والثقافة والآداب بمسميات مختلفة.
يشترك الطلاب في تلك المهرجانات في تنظيمها وصنع محتواها مما يجعلها جزءا من التدريب العملي، فتحظى بمشاركة أعضاء هيئة التدريس وخبراء من خارج الجامعة، و تهتم بالإنتاج والخبرة العملية وليس العرض النظري فقط. وتمثل هذه المهرجانات منصة عملية لعرض مهاراتهم وتطبيق تخصصاتهم أمام الجمهور ولجان تحكيم متخصصة بحضور سوق العمل، بوجو بيئة تنافسية وتدريبية ترفع جودة التعليم الجامعي. كما أن تلك المهرجانات تعمل على تعزيز الهوية الاكاديمية للتخصص حيث يرى الطالب أن تخصصه حيا على أرض الواقع. وتبرز تميز الكلية باقسامها من خلال مشاريع طلابية. وهذا يمنح الطلاب خبرة تطبيقية لا يمكن الحصول عليها في القاعة الدراسية، ويتعلم الطلاب أيضا إدارة الأحداث، والعمل الجماعي، والتخطيط، والتنظيم، وحل المشاكل. وتعزز مهارات التواصل، والعرض، والإقناع، والإبداع، في مختلف التخصصات الإعلامية في مختبراتها المفتوحة لممارسة الإنتاج الإعلامي. فتقوم تلك المهرجانات بدور إعلامي وترويجي لإبراز إنجازات الجامعة، لتعريف المجتمع بقدرات طلابها، لدعم صناعة السمعة الإيجابية للجامعة محليا وإقليميا، مما يجذب اهتمام الإعلام ومنظمات المجتمع، وتفتح فرص تعاون وشراكات مع المؤسسات المهنية لتخصصات الجامعة. وهذا الزخم الإعلامي، يجعل الطلاب يلتقون بأصحاب الشركات والمنتجين، والمؤسسات المهنية في سوق العمل، فيكتشف أصحاب العمل المواهب الجديدة مباشرة وجها لوجه من خلال الأعمال المعروضة، لتوفير فرص تدريب، وتوظيف، ورعاية المشاريع الطلابية، مما يمنح الطلاب فرصة للتعريف بأنفسهم وقدراتهم أمام الجهات الفاعلة في المجال. وهذا سيؤدي إلى صنع بيئة تنافسية تشجع الطلاب على الإبداع والتميز، والحصول على جوائز التقدير، وتعزيز الثقة بالنفس، والتسريع بتطوير المهارات. وهذا أيضا يعمل كذلك على خدمة المجتمع وتعزيز الوعي لديه، عبر إبراز قضايا مجتمعية أو موضوعات تخصصية مهمة عبر أفلام، مشاريع، بحوث، أو فعاليات، مما يعزز من بناء علاقة إيجابية بين الجامعة والمجتمع لأنها تظهر دور الجامعة في التنمية الوطنية المستدامة. وفي المقابل يتم دعم شخصية الطالب وهويته المهنية، مما يمنح الطالب فرصة لإكتشاف ذاته في بيئة آمنة، تقربه من جو العمل الحقيقي، مما يساعد على تحديد مساره المهني. وهذا سيرفع تصنيف الجامعة أكاديميا من خلال الأنشطة النوعية والمخرجات الإبداعية، ويحفز أعضاء هيئة التدريس على التطوير والبحث والتوجيه، ويعزز العمل المؤسسي والابتكار في الكليات.
ومن هنا يمكن اعتبار مهرجان الأفلام السينمائية الطلاب بجامعة الملك عبد العزيز، كان ناجحا لصناعة محتوى جديد ورفع مستوى الإنتاج الطلابي، لرفع جودة المحتوى المعروض في الإعلام الجامعي والمحلي، بتنشيط التغطية الصحفية والإعلامية. فجودة المهرجان جعلته حدثا وفر مادة إعلامية جاهزة للتغطية الصحفية والتقارير، واللقاءات، والمقالات، ما يجعل جامعة الملك عبد العزيز بارزة في المشهد الإعلامي، بتحويل الجامعة إلى نقطة جذب إعلامي سنوي، من خلال تعزيز الهوية البصرية والقصص المحلية بقضايا سعودية، قصص مجتمعية، أو شخصيات محلية، لدعم الهوية الوطنية في صناعة المحتوى وتقديم صوت شبابي جديد للإعلام. وهذا سيؤدي إلى ربط النظرية بالتطبيق، مما يجعل الطلاب يجمعون إلى جانب الدروس النظرية، جوانب تطبيقية: كتابة السيناريو، اللغة البصرية، الإخراج، إدارة الصوت والصورة، وهندسة الإنتاج مما ينتج عنه تعلم علمي واقعي يغني العملية التعليمية ويجعلها حية وفعالة. وما يصاحب ذلك من إنتاج بحوث ودراسات تحليل الخطاب السينمائي، وتاريخ الانشطة الطلابية في السينما، مما يجعل هناك إثراء الحقل الأكاديمي بما يتعلق بصناعة الأفلام والتعليم الإعلامي، وما سيؤدي إليه من بناء شبكات علاقات مع صناع السينما لوجود مخرجين، منتجين، إعلاميين وصحفيين، وصنع فرص للتدريب، العمل، وإنتاج مشروعات مشتركة، تسهل دخول الخريجين إلى سوق العمل في الإعلام والسينما. والدفع إلى تعزيز الثقافة السينمائية في البيئة الجامعية عبر المهرجان لنشر الوعي السينمائي داخل الجامعة، بأقامة ورش العمل، والندوات، وعروض الأفلام، ونقاشات النقد الفنى لتعزيز الهوية الثقافية السعودية، ودعم رؤية المملكة 2030 في مجال الثقافة والفنون، وخاصة أن المهرجان ينسجم مع التوجه الوطني لتمكين الشباب، بدعم الصناعات الإبداعية، لتنشيط القطاع الثقافي، لتصبح الجامعة شريكا في صناعة مستقبل السينما السعودية. هذا بالإضافة إلى أن أغلب الأفلام الطلابية تعالج قضايا اجتماعية، تحديات الشباب، بقصص انسانية، ومشكلات ثقافية أو نفسية، مما يجعل الطلاب يقدمون منظور شبابي يساعد صانع القرار والمجتمع على فهم الأجيال الجديدة. كما يجعل المجتمع يشاهد أفلاما سينمائية محلية من إنتاج شباب سعودي، ليعزز من تقبل المجتمع لفنون السينما وإدراك قيمتها. ليكون للمهرجان دور في تحول الطلاب من “متلقين” إلى “صانعين”، والجامعة من “مكان تعليم” إلى “بيئة إبداع”. ليصبح المهرجان جزءا من صناعة سينمائية سعودية ناشئة تنطلق من قاعات الجامعات قبل استوديوهات الإنتاج السينمائي.

• عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى
• مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية

د. فيصل أحمد الشميري

عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام بجامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى