أحمد سعيد مصلح [JUSTIFY]بحثت في أمهات وآباء الكتب والموسوعات عن معنى (بربقندة) هذه والتي كثيراً ما نسمعها تتردد من قبل بعض الأشخاص وكنت أظنها باللهجة الشعبية المحلية ولكنني وجدت معناها أخيراً وهي في الأصل تعني الدعاية باللغة الإنجليزية ( (Propaganda أي نشر معلومات مغلوطة بهدف التأثير على آراء وسلوك أكبر عدد من الأشخاص – وهذه العبارة سمعتها من شخص يزعم أنه رجل أعمال (وواصل لدى الكبار) حينما سألته عن بعض تصرفاته فأجابني أنا (أعمل بربقندة حول نفسي ) !!
وفي التفاصيل أنني تلقيت إتصالاً هاتفياً من رجل أعمال دأب على مكالمتي من فترة لأخرى وأخبرني خلال إتصاله بي بأنه قدم تواً من اليابان بعد مشاركته ضمن وفد رجال أعمال سعودي زار ذلك البلد لبحث آفاق التعاون الإقتصادي بين الطرفين – وبينما هو كذلك وردت إليه مكالمة هاتفية أخرى عبر هاتفه النقال الآخر فإذ بي أسمعه يقول للطرف الثاني (المتصل) بأنه قدم من إيطاليا مساء أمس بعد أن قام بتوقيع مجموعة عقود مع شركة إيطالية عالمية وإعتذر للمتصل عن مواصلة حديثه معه لأنه مشغول حينذاك في إجتماع مع وفد تجاري وإقتصادي أوروبي كبير – ثم عاد للتحدث معي مرة أخرى وإذ بمكالمة أخرى ترد إليه عبر هاتفه النقال الآخر وكنت أسمع هذه المكالمة بوضوح حيث قال محدثي رجل الأعمال المزعوم للطرف الآخر: أنه قدم من دبي بالأمس بعد أن شارك في ملتقى إقتصادي مهم وأنه ينوي السفر غداً إلى لندن وباريس لحضور مؤتمرات ولقاءات تجمع رجال أعمال سعوديين مع نظرائهم الأوروبيين وإعتذر للطرف الثاني (المتصل) عن مواصلة المكالمة لأنه على وشك مغادرة المملكة ثم واصل حديثه معي وحينها وردت إليه مكالمة لكن في هذه المرة من سيدة وإذ بمحدثي رجل الأعمال يجيبها بالحرف الواحد (ياأمي والله إني لا أملك ولا مائة ريال في جيبي – فسألته وأين كنت خلال أربعة أيام من الغياب ) فأجابها بلا إستحياء (كنت أبحث عن عمل فلم أعثر وياليت يا أمي تدبري لي خمسمائة ريال بس حتى يفرجها الله وأجد عملاً) – ثم عاد يحدثني وأنا بين مصدق ومكذب مما أسمع وهل أنا في حلم أو علم مما أسمع …وهنا وردت إليه مكالمة هاتفية أخرى من شخص متصل حيث أجابه محدثي وإعتذر له قائلاً (معليش أنا حالياً خارج المملكة ً وبعد عودتي من كندا سألتقي به ) !!
قلت له ما الذي يحدث ألف كذبة في لحظة واحدة – تارة تقول أنك قدمت من اليابان وفي مكالمة أخرى تزعم بأنك قدمت من دبي ثم في مكالمة ثالثة تزعم بأنك قدمت من أوروبا وهكذا ومع كل هذه المزاعم التي تسوقها للآخرين من أنك رجل أعمال تفضح نفسك بنفسك أثناء مكالمتك مع والدتك ويتضح أنك عاطل عن العمل ومفلس وتحتاج إلى مساعدة مالية منها فكيف نفسر ذلك – وسألته: وماذا عن سيل الأخبار الذي ينشر في الصحف بشكل شبه يومي ويتعلق بأخبارك ونشاطاتك من سفريات خارج المملكة وإجتماعات وملتقيات ومؤتمرات وورش عمل ومشروعات ضخمة وإتفاقيات ؟.. أرجوك فسر لي ذلك ؟
أجابني (ياعم كلها بربقندة في بربقندة ) فأنا لا أملك حتى قوت يومي ولم أغادر المملكة وليست عندي مشروعات ولايحزنون ومازلت أبحث عن عمل فأرجوك ساعدني بمبلغ ضئيل سوف أعيده إليك فور حصولي على وظيفة !!
قصة من ألف قصة تجسد جزء من قصص وحكايات عن أصحاب السعادة( البربقندات ) الذين يعيشون بيننا وما أكثر عددهم وعدتهم في أيامنا هذه نجد الواحد فيهم يتقمص شخصية رجل أعمال وكلها لمآرب خفية لايعلمها إلا الله عز وجل وفي واقع الأمر ماهو إلا واحد من العاطلين عن العمل الذين يقتاتون بهذه الطريقة المريبة والأكاذيب المعلنة تتكدس سيرهم الذاتية بالمنجزات وحضور المؤتمرات العالمية والأخرطية – والحكاية كلها تمثيل في تمثيل !![/JUSTIFY]