شكراً لكم أنا لا أطِيقُ كَلامَا .:. فالزَّعْتريُّ يُؤجِّجُ الآلاما
والزَّعْتَريُّ حكايةٌ معجونةٌ .:. بدِمَائنَا تُغري بِنا الأسْقَاما
أنا طِفلَةٌ مذعُورَةٌ مجرُوحَةٌ .:. مازلتُ أمْلِكُ هيْكَلاً و عِظامَا
مازلتُ أملكُ مقْلتَينِ وخَافِقاً .:. في الصَّدرِ أمْسَى بالهُمومِ حُطاما
أنا طِفلةٌ من سوريَا من حِمْصِها .:. خلَّفتُ بيتَ الوالِدينِ رُكامَا
خلَّفتُ غُرفَتِي الَّتي أحبَبْتُها .:. ورسمْتُ في جُدْرانِها الأحْلامَا
خلَّفتُ فيْهَا لُعْبَتي وحقِيبَتي .:. ودَفَاتري والحبرَ و الأقلامَا
و تَرَكتُ فيها الـمِرسَم الموضُوعَ في .:. كرَّاسَتي وخَيَالِيَ الرَّسَاما
أنا طِفلةٌ في الزَّعْتريِّ إِقامتِي .:. واحَسْرَتاهُ فقَدْ شقيتُ مقاما
أصبحتُ لاجئَةً هنا و يَتِيمَةً .:. حوْلي الألوفُ منَ البنَاتِ يتَامَى
صِرْنا هُنا نستَثْقِلُ اليومَ الَّذي .:. يأتي ونرقبُ بعدَهُ الأَيَّاما
ثقُلتْ عَلَينا رحلَةُ الزَّمن الذي .:. يحْبو فأصْبَحَ يومنا أَعْوامَا
أنا طفلةٌ من سُوريَا فارقتُهَا .:. وقنابِلُ البَاغِي تشُبُّ ضِرَامَا
فارَقْتُها مع أُسْرَةٍ من حَيِّنا .:. في ليلَةٍ تُهدِي الظَّلامَ ظَلامَا
لا تَسْألونِي عن حِكَايَةِ رِحْلَتي .:. فالرُّعبُ كان يضَخِّمُ الأَوْهَاما
كنَّا نرَى الدُّنيَا ظَلاماً دَمِساً .:. ونَرَى النّجومَ الغَائراتِ سِهَامَا
كنَّا أُلُوفاً في الطَّريقِ يسُوقُنا .:. حزْنٌ تَدَاعَى نحْوَنا و تَرَامَى
كانتْ مسِيرتُنا مسِيرَةَ حسْرَةٍ .:. تُلْقي إلى الألَمِ الدَّفينِ زِمَاما
نَمْشي وآثَارُ الدَّمارِ ورَاءَنا .:. دفنتْ هنَالِكَ أهْلنَا الأَعْلامَا
دفنَتْ هُنَاكَ رِجَالَنا و نِسَاءَنا .:. وأحبةً في الرَّاحِلينَ كِرامَا
أنا طِفْلةٌ مطرُودَةٌ من شَامِكم .:. شامُ العُلا هل تذكرونَ الشَّامَا
لم يبقَ لي منْ أسْرَتِي إلاَّ أَخٌ .:. فقَدَ اليَدَينِ وَمَا يزالُ هُمَامَا
أمَّا أَبي وحبيبتي أمِّي فقَدْ .:. لقِيَا مع القَصْفِ الرَّهيبِ حِمَامَا
وقعَ الرُّكامُ عليْهِمَا فتَشَهَّدا .:. وعلى الشَّهَادَةِ في الرُّكامِ أقَامَا
أنا طفلةٌ في الزَّعْتَريِّ إِقامَتي .:. أعلنتُ فيِهِ لخَالِقي اسْتِسْلامَا
أسمعتُكُمْ صوتِي لأبَرِّئَ ذِمَّتي .:. فلعلَّكم لا تخْفِرُونَ ذِمَامَا
ولعلَّكمْ تسْتَدْرِكونَ فإِنَّني .:. لأَرَى التَّخاذُلَ زادَكم إِرْغَاما
إجْرامُ طَاغِيةُ الشَّآمِ حقِيقَةٌ .:. كبْرَى فمَنْ ذا يرْدَعُ الإِجْرَامَا ؟
طريق الطايف الرياض
( الخاصرة) ٢٩-٢-١٤٣٤