
إنّهُ شيْخُ مكةَ المُحدّثُ المُسْنِد العلامة الدكتور السيّد محمد بن علوي المالكي الحَسَني ( رحمهُ اللهُ ) صاحِبُ التآليفِ الكثيرةِ والمَباحِثِ المُثِيرَة ، بَقيّةُ علماءِ المَسجدِ الحرامِ في عهْدِهم الزّاهِر وحَلقاتِ دُرُوسِهم العَامِرة وثمارهم الجَنِيّةِ التي اقتَطَفَها أهلُ الحَظ الوَافِر في الزّمنِ الغابر ؛ فسَعِدُوا وأسْعدُوا وغنِمُوا واغْتنَمُوا هنيئاً لهم .
ومن كُتُبِ شيْخِنا المُهِمّة في الحج كتابُه الثمين “الحج فضائل وأحكام” الذي صدَرَ في طبْعتِهِ الأولى تحْتَ عنوان “لبيك اللهم لبيك” ثم كانتْ طبعتُه الثانية عام 1424هـ التي تغيّرَ فيها العنوانُ إلى ما يَخْتزِلُ أهمّ ما جاءَ في الكِتاب ؛ حيثُ يحْمِلُ في طيّاتهِ مباحثَ علميّة مهمة عن الحج وأحكامه وفضائله مُتّسِقاً مع أقوالِ العُلماء في مَذاهِبهِم الفقهيّةِ الأرْبَعة ؛ وإن كانَ المُؤلف مالكيّ المَذْهب إلا أنهُ كانَ يصْدَحُ دائماً بقولهِ :”أنا ابْنُ المَذاهبِ الأرْبَعة” وهكذا مدرسةُ علماء الحرم المكي الشريف بعيدون عن التعصّبِ مقدّرُون لجُهُودِ السّابِقين واجتهادَاتِهم :
وكلهُـــــمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ مُلْتَمِـــسٌ *** غَرْفاً منَ البَحْرِ أوْ رَشْفاً منَ الدِيَمِ
يُفتتحُ الكتابُ بفضائلِ الحَج وشرَفهِ التي عدّها المؤلفُ ثلاثةَ عشرَ فضيلةً منها : أنّ الحجَّ يهدِمُ ما قبلَه ، وأنّ الحاجّ مُجَاهِد ، وأنه من وَفْدِ الله ، ومُجَابُ الدّعوة ، ونفقتَه في سبيلِ الله ، ودِرْهَمَهُ بأربعينَ ألفِ ألفٍ ، ونفقتَه مَخْلُوفة ، وأنه مُعَانٌ ، وشافِعٌ ، ومغفورٌ لهُ ولمَنْ استغفرَ لهُ ، وأن اللهَ يُبَاهِي بهِ مَلائكتَه ، وأنهُ من أهل الجنة .
وفي مَبْحَثٍ عَمِيقِ عن المعاني الرّوحية والخُلُقيّةِ بمَدْرَسَةِ الحَج يُبحِرُ بنا المُؤلفُ في مَعَاني تكتنفُ تلكَ الرّحْلة : في التوبةِ ، والسياحَةِ والسّفر ، وتنميةِ عامِلِ الشّوْق في نفْسِ المُسْلِم ، وإثبَاتِ عَجْزِ العَقْلِ بالإذعَانِ للأحكامِ الإلهيّة ، والتفكّرِ والتدبّرِ والانتقال من الظاهِرِ في عالمِ الشهادةِ إلى الخفيّ من عالِم الغيب والخفي من المعاني السامية ؛ ليؤصّل في النهاية لمدرَسَةِ الأخلاق بالحج وما تكتنزُهُ من أسراره .
ثم تتابعُ أحكامِ الحَجّ في الكتابِ عبْرَ مباحث متعدّدة يَسْتحْضِرُ فيها المؤلفُ أعظمَ حُجّاجِ بيْتِ اللهِ الحَرامِ عليهِ وعلى آلهِ الصلاةُ والسلامُ مُسَجّلاً في كلّ حُكْمٍ وفي كل مَوْقفٍ تلك الحِكَم العظيمة والمِعاني السامية لذلك النبيّ الرّحيم الشفيق بأمّته ، الذي لا يرْضى لها مَشقةً ولا حرَجاً ويَمْشي لها مع اليُسْرِ سَهْلاً وصَعْباً ؛ كيف لا وهو الرّحمَةُ المُهْدَاة للعالمين .
ولنْ تَغِيبَ عن القارئ أقوالُ العُلماءِ واجْتهادَاِتهم المُتعدّدة في حُضُور المذاهب الأرْبعة في كلّ مَسْألةٍ اتفاقاً واخْتِلافاً يَرْفَعُ الحَرَج عن الأمّةِ ويبْدِلُ عُسْرَهُم رَحْمةً في أحْكامِ الحَج بمَرَاحِلِه المتقدّمة والمُتأخّرَة ؛ وهذا من سِعَةِ الشريعَةِ التي فقهَهَا الرّاسِخُونَ في العِلم وغَضّ الطّرْفَ عنها كلُّ مُتعَصّبٍ لرَأيهِ يحملُ الناسَ على اجتهادهِ ومن يقلّدهُ .
وفي آخرِ الكتابِ مباحثَ مهمّة حول البيتِ الحرام وخصائصهُ وأحكامَه ، وفضائل مكة المكرمة في تحريمها ومضاعفةِ الأجُور بها وأماكنِ الإجَابة ، إضافةً إلى مجموعة من أدعيةِ الوُقوفِ بعرَفات المَأثورةِ عن السّلف .. ثم ينقلُ المُؤلفُ في مُختَتمِ الكتاب جدْولاً يلخّصُ أحكامَ الحج على المذاهبِ الأربعةِ لفضيلةِ الفقيهِ الشيخ عبد الرحمن محمود المدني من كتابِه “قطف الثمار” .
وهكذا يأخذُكَ الكتابُ في رحْلةِ الحج ترْغيباً وتعظيماً بفريضةٍ أساسُها الاسْتِطاعة وغايتُها الامتثال والطاعَة ، وثمرتُها مغفرةً شاملةٌ لمَنْ أسْرَفَ على نفْسِهِ ولمَنْ خشَعَ للهِ وأطاعَه ؛ لِيُوقنَ المُؤمنُ بأنّ أمرَهُ كله لهُ خيْر ، وأنّ مَنْ خلَقَهُ لمْ يَكُنْ ليُضيّعَهُ وقد فتَحَ أمامَهُ أبوابَ التوْبَةِ مُشْرَعةٍ وبَسَطَ لهُ مِنْ رَحْمتِهِ ما يُخرِجُهُ كيَوْمِ وِلادَتِه .
[COLOR=#FF0000]* مِن آخِرِ السّطْر :[/COLOR]رغم بيانات النشر المؤرّخة بتاريخ 1423هـ في بطاقة “فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر” بصفحة الكتاب الأولى إلا أنّهُ غائِبٌ عن المكتبات التجارية ناهيك عن المكتبات العامة ! وحقيقٌ بعلَمٍ مَكِيّ وكتابٍ كهذا ؛ التواجدَ بقوّة في صفوف كتب الحج وخاصةً بمكة المكرمة مدينة الحج التي لا ينبغي أن تغيبَ عنها كتبً الحج لعلماء العالم الإسلامي فكيف بأحَدِ أبنائِها أصحابِ الامْتدادِ العلمي المَكّي في سلسلةٍ طويلةٍ مِنَ الآبَاءِ والأجدادِ العُلماءِ الأدْرَى بشِعَابِ مَكةَ والأفْقَهِ بأحكام حجّها ومناسِكِها ؟![/JUSTIFY] [email]Shuaib2002@gmail.com[/email]
————————————-
مقالات سابقة
[url]https://www.makkahnews.sa/articles.php?action=listarticles&id=46[/url]