ولد الشاعر السعودي الأستاذ “فؤاد بن إسماعيل شاكر” -رحمه الله- في مكة المكرمة عام 1905م، وفيها تلقى علومه الأولى، إذ أخذ مبادئها من دروس الحرم المكي حيث تُعقد حلقات التعليم في فضائه وأروقته، ثم بعدها في التعليم النظامي بمدارس الرشيدية التي أُنشئت عام 1885م في سوق المعلاة، والتحق بعدها بأول بعثة سعودية إلى القاهرة لدراسة الأدب العربي عام 1929م.
بعد عودته من القاهرة عيّنه الملك عبد العزيز -رحمه الله- رئيسًا للتشريفات الملكية عام 1945م، كأول شخص يتولى هذا المنصب، وبدأ العمل في رابطة العالم الإسلامي عام 1961م، كان سخيًا في ثقافته وكتاباته، سواء كانت مقالة في صحيفة، أو قصيدة منظومة، أو مؤلفًا؛ رأس تحرير العديد من الصحف السعودية، منها “صوت الحجاز” التي تحولت إلى “البلاد” لاحقًا، وصحيفة “أم القرى”، وفي عام 1966م، قام بتأسيس صحيفة أخبار العالم الإسلامي.
يُعتبر “شاكر” من جيل الرواد السعوديين في الأدب والصحافة والشعر، تقلد عدة أوسمة ونياشين وجوائز في عدد من الدول العربية والأجنبية، منها تكريمه في دولة قطر عام 2009م، من قِبل اتحاد الصحافة الخليجية ضمن 40 شخصية من رواد الصحافة السعودية.
قام بتأليف نحو 20 كتابًا، منها كتابه “صور الحياة” صدر عام 1929م، وكتاب “أدب القرآن” عام 1936م، إضافةً للعديد من الدواوين والمؤلفات التاريخية والاجتماعية والأدبية؛ كديوانه “حي على الصلاة” عام 1955م، ومجموعة شعرية بعنوان “حيّ الفؤاد” صدرت عام 1967م وغيرها، له من الأبناء خمسة، ومن البنات ثلاث، منهن الشاعرة والإعلامية “عزة فؤاد شاكر”، توفيت في أغسطس 2011م، كانت من أوائل اللواتي عملن بالإذاعة السعودية، ورثت عن والدها موهبة الشعر، وصدر لها ديوان “أشرعة الليل” في سنة 1977م.
من أجمل مداعباته الأدبية أقتبس الآتي:
يقول الشاعر السعودي “فؤاد شاكر” -رحمه الله-: كُنّا بالمصيف الجميل الطائف، وكنتُ أسكن دارًا بالإيجار، ومالكها ومؤجرها هو الصديق الشاعر “أحمد بن إبراهيم الغزاوي”، وكُنّا جارين أيضًا نتبادل الزيارات ولا نكاد نفترق، وقد زارني ذات صباح وطرق الباب بعصاه صائحًا ومنشدًا:
أبا عزّة.. إنّي على الباب واقفٌ
فهل أنا مأذونٌ، وهل أنت آذن؟
وتهللت لهذا الطارق الزائر، بل الطائر المغرد، وطربتُ لهذا البيت الرائع من الشعر الذي استأذن به الضيف، وفتحتُ له كل أبواب الدار مسرورًا طربًا، وقلتُ له:
قبل أن تجلس يجب أن أستمع إلى الإذن بالدخول شعرًا فقلت:
بل إنها الدار التي أنت ربُّها
وما أنا.. إلا دونها لك سادن
فإن شئتَ فأمرنا نكن بعض أهلها
فليس بها إلا “فؤادك” ساكن
وفهم الزائر العزيز -وهو المالك للدار- أنني أستعفيه من دفع الإيجار -على سبيل الدعابة- وانتهت الزيارة بأن دفعتُ له ثلاثين جنيهًا ذهبًا هي قيمة الإيجار السنوي للدار، ولم يُفلح الشعر في تنزيل شيء من مبلغ الإيجار.
توفّي الشاعر “فؤاد شاكر” عام 1973م بمدينة جدة عن عمر قارب السبعين عامًا، مخلفًا وراءه سيرة عطرة -رحمه الله رحمةً واسعة.