
[RIGHT]في عالم الكتابة تحارُ الأسئلة وتغيب الأجوبة عن ملاحقة بعض الأفكار التي تعتمر رؤوس الكتّاب ؛ فيتيهون ويتبعهم في تيههم الغاوُون ، وحسبُهم النجاةَ بطوْقِ ابن المقفع حين قال : “إن الكلام يزدحمُ في صدري فيقفُ قلمي لأتخيّره” ، وإن كان “ما في النفوس لا تغيّره النصوص”..!
لم يمرّ عام على وفاة الشاعر والكاتب والأكاديمي د.أسامة عبد الرحمن عثمان ؛ حيث فارق الحياة في السابع عشر من محرم هذا العام ودُفنَ في مولده المدينة المنورة ببقيع الغرقد في جوار أطهر بقعةٍ بمسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم .
ذلك الشاعر الرقيق الذي قاربتْ دواوينه العشرين ، وخاض دهاليز الاقتصاد و”التنمية بين التحدّي والتردّي” وأجهد فكره في “البيروقراطية النفطية” وأشغلته سياسة “المورد الواحد” حتى اعتذر “عفواً أيها النفط” ، وأبحر في شؤون الإدارة وفنون العلوم الاجتماعية حتى بات “المثقفون والبحث عن مسار” همّه الملحّ ككاتب صاحب قلم عميق ومؤثّر .
ورغم نتاجه الشعري الثري ومؤلفاته الاقتصادية والاجتماعية الثقافية إلا أن له كتاباً غائبَ الذّكْر لدى كثيرٍ ممّن ترجمَ له وسرد سيرتَه ، صدَرَ بالكويت عام 1998م قبل أكثر من خمسةَ عشرَ عاماً ، صادتْهُ عينايَ في معرض الكويت الثالث والثلاثين للكتاب 2008م بزيارتي السريعة له ؛ وهو كتاب “غثاء الكتابة وكتّاب الغثاء” .
ففي صفحاتٍ لم تجاوز الخمسين لبس كاتبُنا نظارته السوداء مستعرضاً 22 صورة لكتّاب الصحافة بالوطن العربي ممّن انتهكوا الكتابة – على حدّ قوله – في مقابلِ الصور البيضاء الباقية للكتّاب المحترمين الذين جعل لهم مقياساً في مقدّمة كتابه يقف عند حدود حُرْمةِ الحَرْف ، وعفاف الكلمة ، والمصداقيّة ، والمَوْضُوعيّة .. راجياً في نفس الوقت أن يُسعفه الزمان في وضع كتابٍ آخر لأولئك الصفوة من الكتّاب الأنقياء .
ولا يُخفي المؤلف امتعاضه من طغيان الغثاء لدى أولئك الكتّاب الذين تآلبتْ الساحة معهم ؛ فوجدوا مرتعاً خصباً لأقلامهم المتهالكة التي تتقلّب وفق أهوائهم وطباعهم وشخصياتهم المتعددة الأغراض ، وكما يقال : الغرَض مَرَض !
وفي استعراض سريع لعناوين تلك الصور الاثنتين والعشرين ؛ تنبئ كلٌ منها عن صاحبها ، وهي كالتالي : الكاتب الناقد ، كاتب الشهرة ، الكاتب الكتاتيبي ، الكاتب المُمثّل فوق العادة ، الكاتب المناخي ، الكاتب المُرْتزق ، الكاتب المُتطفّل ، الكاتب فوق السّطح ، الكاتب الطفل ، الكاتب اللاهِث ، الكاتب المُتسَلِّق على الأكتاف ، الكاتب بأصابع الثّرْوة ، الكاتب المُتنَصِّل ، الكاتب الملمَّع ، الكاتب المُسْترخي ، الكاتب الشائِخ ، الكاتب اللاعِب ، الكاتب السّفِيه ، الكاتب غير الكادِح ، الكاتب المُفْتَئِت ، الكاتب سيّء السَيْر والسّلوك ، الكاتب البَائِع .
ورغم السوداويّة التي يخرج بها القارئ بعد خوض غمار تلك المقالات المتتابعة في بيان الغثاء بالسلوك الكتابي لدى بعض الكتّاب ؛ إلا أن الإنسان يحتاج في أحيانٍ كثيرة إلى استشعار الظلمة الحالكة ليُدرك حقيقة النور الواضحة ، ويعرف بحق الفرق بين الغثّ والسمين .
[COLOR=#FF0000]* مِن آخِرِ السّطْر :[/COLOR]يقول كاتبنا الشاعر أسامة عبد الرحمن من ديوانه “لا عاصم” :[/RIGHT]
[CENTER]الفكرُ مَصْلُوبٌ على صفَحَاتِهِ ..
وعلى السُّطُورِ دِمَاؤهُ تَنْسَابُ ..
قد صَادَرَ الكتّابَ سِجْنٌ دَامِسٌ ..
بَقِيَ الغُثَاءُ وما هُمُو كُتّابُ ..
[/CENTER]
———————————–
مقالات سابقة
[url]https://www.makkahnews.sa/articles.php?action=listarticles&id=46[/url]
[email]Shuaib2002@gmail.com[/email]