في أمسية من أمسيات الإبداع الشعبي الجنوبي الأصيل، أطربنا الشاعران عبدالله القافري و فهد الهايل بقصيدة على لحن المجالسي، أتقنا فيها فن «الشقر»، أحد أعقد وأجمل ألوان الشعر الشعبي، حيث يدور النص على قافية يعتمد فيها الشاعران في البدع والرد على الجناس اللفظي واحد تتعدد معانيه بين شطر وآخر.
الشقر في الشعر الجنوبي هو أن تكون القافية بنسبة تصل إلى ١٠٠٪ من التطابق الحرفي للكلمة الأخيرة من كل بيت ، لكنها تحمل معاني متباينة في كل موضع، وقد أبدع شعراء الجنوب في هذا الفن حتى صاروا مدرسة قائمة بذاتها في الطباق والجناس والمعاني والساحة الشعبية تضم الكثير من الشعراء الشعبيين في فنون العرضة والمجالسي والمسحباني والدمة وغيرها من فنون الفلكلور الشعبي الجنوبي .
القصيدة:
• البدع – عبدالله القافري:
الهوسْه في هرجهم يقلون ميد الولد كي
وإذا بغوا يوصفون البنت يقلون كيّه
واما ليا جا زعل مابين كيّه وكيّات
ما تسمع إلا هروجن كلها كي كوانا
• الرد – فهد الهايل:
يا وجد حالي على قلبٍ كواه الزمن كي
في كل عرقٍ منه للجرح وسمٍ وكيّه
ما فيه طبٍ وهو ما بين كيه وكيّات
وإذا شكينا على من سبب الكي كوانا
• شرح المفردات كما وردت:
• «كيّ»: تطلق على الولد وممكن الرجل.
• «كيّه»: تطلق على البنت أو المرأة .
• «كيّه وكيّات»: تعني الأولاد والبنات معًا.
• «كي كوانا»: عبارة خاصة باللهجة الهوساوية، وهي خليط لغوي غير مألوف عند المستمع من خارج هذا الطيف ، يُستخدم للتعبير عن حالة الفوضى أو الحال المضطرب.
والقصيدة تعتبر مثال بديع على الذكاء الشعري، حيث نجح الشاعران في رسم مشهد عاطفي وإنساني، مع توظيف مفردات البيئة واللهجة المحلية بشكل يحفظ جمالها وغموضها في آن واحد.
فقد تحولت الكلمة الواحدة إلى قوس شعر من الوان الألفاظ والمعاني، بين مدح ووصف وألم واحتراق، وهو ما يجعل من هذا النص درسًا في عبقرية وحلاوة شعر الشقر كما يطلقون عليه في الشعر الشعبي.
انعطاف قلم :
هذه القصيدة تثبت أن الشعر الشعبي في الجنوب ما زال بخير، وأن الإبداع لا يحتاج إلا إلى شاعر مخضرم يجمع بين الثروة اللفظية ويوظفها لصالح النص الشعري بدع ورد سواء في المجالسي أو في ساحة العرضة الشعبية يستطيع التقاط خيوط القوافي من اللهجة وربما اللغة الفصيحة مفاتيح الإلهام ويحولها إلى أبيات شعر ذات دلالة وألحان وأداء يعكس جمال الفنون الشعبية لتلك المنطقة كما يوازي أنواع أخرى من الشعر في مناطق أخرى في أنحاء المملكة العربية السعودية التي تنوء بمثل هذه الفنون الشعبية الشعرية .





