عبدالرحمن الأحمدي

الخطأ على المرحومة

حينما يتَّفق النَّاس على أمرٍ ما، ومنه -على سبيل المثال- التنبيه صحيا من الذهاب إلى مشفى طبي مشهور،أو حتى إلى زيارة مركزصحي معروف، أو إلى طلب طبيب شعبي مغمورومغامر،فإنهم وفي معظم الأحوال لا يتفقون جهرا أو سرا على غواية، بل يتفقون أصلا على فضيلة فأمة محمد صل الله عليه وسلم لاتجتمع أبدا على ضلالة، ولانعمم الحكم على ماسبق،ولكن لوكانت هذه الحادثة الطبيةالأولى أوحتى الثانيةفي ذلك المشفى الشهيرأوغيره لقلنا هذا الشيء
طبيعيا..فجلَّ من لايخطئ أويتعثر أو يتغير، ومن يعمل لابد من الخطأ،أما أن يكون هذا الموت الطبي القاتل عادة سنوية تحدث في مقرذلك المرفق الصحي،وكأنه احتفال موسمي بمن كتب عليه المرض، فهكذا يختلف الأمر، ونؤكد وبلا تردد هنا على تقصد الخطأ مع تعمد التقصير. والمجتمع عموما أصبح يعي أكثر من ذي قبل المفيد له من الضار، والممكن من غير الممكن. وكماقيل قديما “درهم وقاية خير من قنطارعلاج”ولكن حتى نتجاوز تماما الموقف رضاءا أوغصبا أوعبثا؛ إمالقلة تدابيرنا،أولكثرة آلآمنا في الحياة نضع اللوم ومن أقصر الطرق على المرحوم أو المرحومة، فنحن بأمانة نسلي أنفسنا قليلا علنا ننسى ماحصل من مآسي.

وحين يحذر البعض منا من وجود حفرة عميقة أوحفريات بلا مبالغة في الشارع الرئيس تصطاد العابرين، فإنهم أيضا هنا لايحذرون من فراغ،بل من تجارب سابقة من خلال المرور المتكرر من نفس هذا الشارع، أوفي شوارع أخرى خلفية، وما أكثرالشوارع الخلفية البائسة ياأصحاب الجودة الشاملة المأمولة. كان” المقاول” فيها في مأمن من سوء عمله؛لأنه اطمأن وارتاح تفكيره من العقوبة،فالجهة المسؤولة مشغولة في قضايا أخرى،ولكنهم من حسن حظهم سلموا من الموت المحقق، وسقط غيرهم في هذه الحفرة التي لا ترحم، وتحرم الأب من أسرته..زوجه وأبناءه،أوتحرم الشاب في مقتبل العمر من والديه أيضا. هنا نضع العتاب على المرحوم طبعا؛ لكي نرحم حالنا ونتناسى ماأصابنا من جراء هذا العمل المشين، فليس باليد حيلة.

وحينما نعجز عن توفير أقرب موعد للمريض الذي نحن مسؤولون عنه،أو حتى ذلك الذي نعرفه،ويكون مصابا بداء عضال،أو بداءمزمن، أو آخر لانستطيع أن نوفر له سريرا يليق به كآدمي بدلامن الانهاك والإرهاق واقفا،
ويحل عليه القدر المحتوم ويرحل عن دنيانا الفانية،وعندما نسأل عن سبب التأخر والتباطؤ في البحث عن علاجه، أو التأخر في إيجاد موعد مناسب له،نعود ونقول الخطأ على المرحوم، فهو من نسي صحته في شبابه،فأصابه ماحل به في كبره، نتيجة إهماله وتقاعسه،وهكذا نوفر الأعذار حتى نرتاح من وخزات ضمائرنا،أو بالأصح بقايا ضمائرنا. إن كان العالم يعرف الضمير.

وحين تسقط طفلة أوطفل في مجرى صرف صحي لانملك من أمرنا شيئا سوى قولنا لوالديه “شافع نافع”،وكان الإهمال العنوان الواضح،والشاهدالدفاع المدني ، وقد حذر الكثير لاتدعوا أطفالكم يسيروا بلارقيب، فالشوارع غير آمنة وغير مهيأة. وغير تلك الأحداث كثير، حينها نستدعي ضمائرنا الغائبة علها تعود أو تفوق من سباتها، فالضحايا تنوعوا مابين المستشفيات والحفريات ودور الأيتام والطرقات والاستراحات،والوطن أولى بالحفاظ على أبناءه وبناته وكل من يمشي على ذرات ترابه الغالي.ورحم الله موتانا.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. كما ذكرت ياوجيه “الأحداث كثيرة” والمواجع أكثر والظاهر في إزدياد طالما غاب الرقيب وتوارت الأمانة في زم… ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي

  2. ….وسوف نستمر في الدعاء لموتانا طالما أمن العقوبة من تقاعس عن اداء واجبه ولم يشعر بالمسئولية.
    شكرًا استاذنا الفاضل .

  3. لله درك أبا محمد قلمك صادق ومعبر بس للي يفهم

    حفظكم الله وزادكم علما وحلما

اترك رداً على HRalnajjar إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى