لفت نظري مؤخراً في أحد مجموعات الواتساب الاجتماعية وإن كان هذا ليس بالمستغرب، وليس بالجديد، ولن يكون الأخير..! نشر جدول يُوضح مقدار رواتب تقاعد المعلمين بالتفصيل ولا أعلم هل المعلمون يجهلون واقعهم الوظيفي؟ ولماذا هذا الاهتمام البالغ من بعض أفراد المجتمع تجاه المعلمين في شؤونهم الوظيفية..!؟
فنجدهم تارة ينشرون أوقات الإجازات الرسمية للمعلمين بكل أشكالها خلال العام الدراسي سواء مطولة، أو منتصف العام، أو آخره، وتارة أخرى ينشرون مقدار رواتبهم بكل مستوياته المعتمدة، وأخشى أن ينشرون لاحقاً تفاصيل حياة أسر المعلمين وأوضاعهم الاجتماعية المختلفة..!!
ويكاد المعلم أن يكون كتاب مفتوح لأحواله وظروفه ولكل المجتمع دون غيره من موظفي الدولة، فلم نطلع يوماً وبنفس الاهتمام والحرص على رواتب منسوبي الجهات العسكرية، أو رتبهم، أو ترقياتهم، أو إجازاتهم الممنوحة، وبنفس القدر موظفي الجهات المدنية، أوحتّى بعض الجهات الأهلية على عكس المعلمين نجده متاح في كل وقت وحين للأسف…!!
وياليت مثل هؤلاء المتتبعون لأحوال المعلمين استكمال اهتماماتهم البالغة ولكن بكل دقة ومصداقية وعدالة ويتعرفون على الضغوطات والصعوبات التي يتعرض لها المعلمين أثناء تأدية مهامهم اليومية…فكل موظف خلال دوامه الرسمي يتعامل مع أوامر محددة عبر جهاز إلكتروني لا يقبل التدخل البشري بتاتاً إلا المعلم فطبيعة عمله تتطلب التعامل مع نفوس بشرية تحتاج إلى الحلم والصبر والهدوء والجهد المضاعف.
ولذلك يجب على هؤلاء المتتبعين في البدء أن يثمنوا جهود المعلمين الأفاضل وإعطاء الاحترام والتقدير اللائقين لمربي الأجيال فما يقدمه المعلم في الحجرة الدراسية يفوق صبر وتحمل أي أب مع أبنائه في التعامل اليومي سواء الاجتماعي، أو التعليمي فما الذي من الممكن أن نتصوره في تعامل المعلم مع ما لايقل عن 200 طالب يومياً؟
وبدلاً من تلك المتابعة المتواصلة والتي لا تفيد شيئاً ومن باب التقدير والإنصاف للمعلمين المطالبة من اجلهم بتقديم الخدمات الصحية المفترضة من خلال تخصيص بطاقات علاجية عبر شركات التأمين أسوة بموظفين في جهات رسمية أخرى فعدد المعلمين الكبير يتناسب مع تطلعات شركات التأمين كافة… وبلا أدنى شك يستحق المعلم تلك الخدمة الغائبة.
على أي حال من المأمول التوقف عن نشر كل مايخص المعلمين من مكاتبات وخطابات وبيانات فهذا بالدرجة الأولى يعني المعلمين وحدهم، وبطبيعة الحال لا تعني أي شيء للآخرين فما الفائدة المنتظرة من مثل هذه المتابعات المتتالية؟ ويكفينا جميعاً هذا الحديث النبوي فعن حفص بن عاصم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يُحدث بكل ما سمع) رواه مسلم.






