عبدالله احمد الزهراني

مقاولات المنح والبحوث العلمية .. لا حس ولا خبر ؟!

أكد خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – في قمة مجموعة العشرين على أهمية تعاون دول العشرين في تمويل الأبحاث العلمية لإيجاد لقاح لفيروس كورونا، وتفادي أي تفشيات في المستقبل، وهذا يدل على حرص المملكة على مواجهة هذه الجائحة بالعلم والبحث.
ويتساءل الكثيرون عن دور الجمعيات والكراسي العلمية وبالتحديد المتخصصة والمعنية في مواجهة تداعيات انتشار فيروس كوفيد19 وأين مبادراتها ؟! والتي لطالما استثمرت المملكة في هذه الجهات العلمية انتظارًا لاستنفارها في هذه الأوقات الصعبة، ولكن حتى اليوم لا حس ولا خبر !

لقد أعلنت الإدارة العامة للبحوث والدراسات بوزارة الصحة عن برنامج منح سريعة مخصص لكوفيد ١٩؛ وذلك يوم 17 مارس ولمدة أسبوع ودعت الباحثين والمؤسسات؛ لتقديم مقترحات مشاريع أصيلة تطرح حلولًا للحد من تحديات الوباء (الوعي، الجاهزية، الوقاية، العلاج) وبعد 24 ساعة أعلن مدير عام البحوث والدراسات بالصحة، وعبر حسابه على تويتر أنه تقدم ١٣ بحثًا في المجالات المختلفة خلال أقل من ٢٤ ساعة من الدعوة، وقبل انتهاء الموعد تقدم 400 مقترح بحثي من قبل قطاعات صحية وأكاديمية، تشمل أبحاث نظرية، تطبيقية، تجارب معملية وسريرية، تغطي معظم أولويات البرنامج، وتشير النتائج الأولية الواردة من اللجان العلمية أن أفكار وجودة المقترحات ممتازة.

400 بحث ليست بالقليلة ولو 5% منها فقط انطبق عليها وصف جيد وممتاز ستحدث فارقًا كبيرًا والسؤال: متى ترى النور ؟!
هل هناك باحثون يعملون كمقاولين أبحاث ومنح ؟! أم يوجد معيار معتمد لتقييم مدى جدوى هذه الأبحاث من حيث أثرها ونفعها قبل أن تحظى بالتمويل ؟!

لقد شملت قاعدة معلومات الكراسي العلمية في الجامعات الحكومية السعودية ما يقارب 212 كرسيًا تحظى بالدعم السخي فما هي إنجازاتها بعد ما يقارب الـ 22 سنة من إنشاء أقدم كرسي علمي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن؟

لم يهتم معظم القائمين على هذه الكراسي بتطوير البحث العلمي وبالإنجاز العلمي والابتكار والاختراع بقدر اهتمامهم بالبحث عن الممولين الراغبين في الوجاهة الاجتماعية ! ونفس الوضع ليس بعيدًا عن الجمعيات العلمية التي قد تصل إلى 135 جمعية علمية فضلًا عن 169 معهدًا ومركزًا ‏بحثيًا في الجامعات تمول من ميزانيات الجامعات و25 مركزًا بحثيًا ‏يصرف عليها رجال أعمال فأين المردود ؟!

هل يستطيع أحد أن يدلنا على ابتكار او اختراع أو دواء أو مصل أو أي إنجاز حقيقي قدمته الجامعات أوالجمعيات أو الكراسي العلمية خلال العقد الماضي ؟!

سبق أن كتبت بتاريخ 31/10/2018 تحت عنوان: “فوضى الكراسي العلمية .. أين الإنجازات ؟!‏‎ ” مستعرضًا تقرير التنمية الثقافية العاشر الذي أطلقته مؤسسة الفكر العربي، والتي ‏يترأسها مستشار خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي ‏الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة والذي حدد خيارين لا ثالث لهما: إمّا “الابتكار” أو “الاندثار“، وكان وقتها عدد الكراسي العلمية في جامعاتنا السعودية (238) وقد أهدرت عليها مئات الملايين ثم كان مصير ‏أغلبها هو الفشل الذريع حتى إن بعض الجامعات أقدمت على ‏تجميد وإيقاف أعداد غير قليلة منها ؟!‏

ختامًا..
كان طلبي ولا يزال في خاتمة المقالة المشار إليها هو إنشاء وزارة مستقلة للبحث العلمي، واليوم أصبح مطلبًا ملحًا وضروريًا؛ لتضم تحت مظلتها الوحدات البحثية بالجامعات، والجمعيات، والكراسي، والمراكز العلمية داخل وخارج الجامعات لترشيد النفقات ولتعظيم الجهود ووضع استراتيجية تواكب رؤية المملكة 2030 تنهض بالبحث العلمي وتحديد أولوياته.
إن الاعتراف بالفشل ليس عيبًا، ولكن الاستمرار في ذات النهج والحرث في البحر لن نجني من ورائه إلا الندم، وأتمنى أن تخرج جهة رسمية لتعلن كم أُنفق على هذه الجمعيات والكراسي العلمية من مليارات خلال العقد الماضي فقط ؟ لعلنا ندرك أن الشكوى من ضعف تمويل البحث العلمي في المملكة هي فقط نصف الحقيقة.

 

رابط المقال السابق :
https://www.makkahnews.sa/articles/5127451.html

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

  1. مقال في الصميم ، أين هم ؟! لأنهم ليسوا في مستوى المسؤولية العلمية..!!

  2. إن الاعتراف بالفشل ليس عيبًا، ولكن الاستمرار في ذات النهج والحرث في البحر لن نجني من ورائه إلا الندم، وأتمنى أن تخرج جهة رسمية لتعلن كم أُنفق على هذه الجمعيات والكراسي العلمية من مليارات خلال العقد الماضي فقط ؟
    كلنا نتمنى ذلك .
    أجدت وأفدت وننتظر الإجابة ممن لديه إجابة
    كما أن استحداث وزارة للبحث العلمي مقترح جدير بالإهتمام ونتمنى ذلك أيضا .

  3. موضوع حساس للغايه وهم المطلوب
    اين المسؤليه البحثيه
    هنا النزاهة تتحقق معهم ولابد من وجود الحس الوطني الانساني وان يكون هو الحافز الاول لحمايه الانسانيه من هذا الفيروس ولتبدأ مما انتهي الاخرون
    سلمت يداكم

  4. (لقد شملت قاعدة معلومات الكراسي العلمية في الجامعات الحكومية السعودية ما يقارب 212 كرسيًا تحظى بالدعم السخي فما هي إنجازاتها بعد ما يقارب الـ 22 سنة من إنشاء أقدم كرسي علمي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن؟

    لم يهتم معظم القائمين على هذه الكراسي بتطوير البحث العلمي وبالإنجاز العلمي والابتكار والاختراع بقدر اهتمامهم بالبحث عن الممولين الراغبين في الوجاهة الاجتماعي)
    من حيث أوجزت فأصبت النهج، والسؤل لا بد ينتظر من المعنيين الجواب بشفافية عالية،، بوركتم وما سطرتم ينمي إلى قلم غيور في حب الوطن..

  5. مقال رصين وغاية في الأهمية د. عبد الله، وأهميته تنسحب على كثير من مجتمعاتنا العربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com