المقالات

وهنُ القِيَمِ، وازورارُ السلوك

احتفى الوطن بيومه، وانتشى بمواطنيه، وتجلّل بهاءً بعبق تاريخه؛ تبارت مؤسساته الرسمية والاجتماعيةعلى إظهار الصور المشرقة، لتاريخ الوطن ورقيّه، ورفاهية مواطنيه، وروحهم الانتمائية.
-وكما قِيل -في كلّ بياضٍ سواد، وأمام كلِّ حسنٍ ضدٍّ
يقول الشاعر:
ونذيمُهم، وبهم عرفنا فضله
وبضدّها تتبيّنُ الأشياءُ
في خِضمِّ الجمال، أطلّ علينا (الإعلامُ الاجتماعيُّ) بصورٍ، وفيديوهاتٍ لسلوكياتٍ شبابية، عاطفية، غير متزنة غاب عنها العقلُ؛
مثلما يرى جوستاف لوبون :”أن الجماهير “الدهماء” لا تعقل، كما أنها تتسم بالعاطفة مع الغباء”.
فالجماهير لها عواطف وأخلاقيات تتّسمُ بتضخيم العواطف، وسريعة الانفعال، فهي من الخصائص الأساسية للجمهور، فهو مقود كليًا تقريبًا من قبل اللاوعي،
“والأفعال تكون تابعة للاوعي الذي راح يحلل ولا يقارن بين الأمور.”
“فمن الخصائص النفسية للجماهير: تلاشِي الشخصية الواعية، وهَيْمَنَة الشخصية اللاواعية؛
وهذا السلوك العاطفي، يرى علم النفس: أن كلَّ سلوكٍ إنما ینْبثقُ من قیمةٍ تدفعُ إليه؛ فالقيمةُ هنا هي الأُسُّ والمحركُ، والمنظمُ للسلوك؛
والقيمُ: مجموعة الأفكار والمبادئ التي يحملها الإنسان في داخله، عن الخير والشر، والجيد والسيئ .. وما هو الصح وما هو الخطأ؛
وهي: تلك العادات، والأخلاقيات والمبادئ التي نستخدمها، ونمارسها في الكثير من تفاصيل حياتنا اليومية؛ ومجموعة من الأحكام العقلية التي تقوم بالعمل على توجيهنا نحو رغباتنا، واتجاهاتنا والتي تكون نتيجة لاكتساب الفرد من المجتمع المتعايش به، وهي تعمل على تحريك سلوكياته.
فإذا كانت القيم هي محرك السلوك، والمسؤولة عنه، “فالسلوك هو الفعل الذي يقوم به الشخص لغرض معين، أو هو ردّ الفعل الذي يحدث استجابةً لمحفزاتٍ مختلفة، والسلوك له تأثير واضح على البيئة أو العالم الخارجي الذي يحيط بالشخص”.
فالقيم تتحكم في المشاعر والأفكار، وهي مسؤولة عن السلوكيات التي تنبعث، وهذه السلوكيات تحدد إنجازات الشخص؛
كما ظهر جليًّا في سلوكيات بعض الشباب في اليوم الوطني، حيث تمثّل في سلوك ظاهري عملي؛
فالقيم هي أشياء غير ملموسة لا يمكن رؤيتها أو تقييمها، ولكن يمكن ملاحظة السلوك وتقييمه.
ومن هنا نجد أن الانحراف هو في القيم، وليس في السلوك وإن ظهر لنا العكس؛
وهذا يدعو إلى الدعوة والتأمل في دور الجامعات، والمؤسسات العلمية في تتبع هذه الظواهر ودراستها، ووضع الخطط العلمية الموضوعية لمواجهتها.
والأسرة والمدرسة هما اللبنة الأولى المسؤولة عن تربية الطفل، وهي القوة النفسية للفرد؛ حيث تشكل لديه مختلف الاتجاهات والقيم والمعايير السلوكية المرغوب فيها.
“ويمكن القول بأن للأسرة دورًا كبيرًا في رعاية الأولاد – منذ ولادتهم – وفي تشكيل أخلاقهم وسلوكهم، وقد قِيل :(الصلاح من الله والأدب من الآباء).”
فالشاب قد يقوم بتصرفاتٍ سيئةٍ بهدف لفت الأنظار إليه؛ لذلك يجب تجاهله حين يُخطئ وعدم لفت النظر إليه، وإهمال بعض تصرفاته فترة محددة، وتشجيعه عند القيام بسلوك سوي؛ وهذا ماكان يجب فعله من (الإعلام الاجتماعي) فالنشر-من وجهة نظري – يعزز السلوك السلبي؛
ولعل للقيادات الثقافية والفكرية والدينية دور فاعلٌ في اليوم الوطني، إذ إن”الجماهير مهما كانت ثقافتها أو عقيدتها  أو مكانتها الاجتماعية، بحاجة إلى خضوعها تحت قيادة محركة.”
أخيرًا:
وطني إذا ما شاك مجدَك شائكٌ؛
فكأنما هو ناخرٌ بعظامي
وطني إذا ما شان فضلَك شائنٌ
فأنا الغيورُ وعزة الإسلامِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى